التنبيه الثاني ما يتعلق بصوت المرأة: وذكر أحد الشيخين أن صوت المرأة عورة، وليس هذا على إطلاقه، بل صوتها في الجملة ليس بعورة، صوت المرأة بالجملة ليس بعورة، فقد كان النساء يأتين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويسألن على رؤوس الأشهاد، والرجال يسمعون، يسألن عن حاجاتهن، ويتكلمن بحاجاتهن، وكن يحضرن عند الصديق وعند عمر وعند عثمان وعند علي وعند غيرهم من الصحابة ويسألن عن حاجاتهن، فلا ينكر ذلك عليهن، وإنما العورة خضوعها بالقول خضوعها وترقيقها قولها وتغنجها في القول، هذا هو المنكر، أما صوتها العادي الذي ليس فيه تغنج ولا خضوع فهذا لا بأس به، تكلم تسأل لا بأس، تسلم ترد السلام، تشمت العاطس لا بأس، كل هذا لا حرج فيه، كان النساء يفعلنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مع النبي ومع المسلمين ومع الصحابة، لا حرج في ذلك، وإنما نهى الله عن الخضوع وقال: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] مرض الشهوة، فالخضوع: هو اللين في الكلام، والتكسر في الكلام، والتغنج في الكلام الذي يفضي إلى الفساد وظن السوء بها، وأنها تريد سوءًا، هذا هو الذي ينكر عليها، أما صوتها العادي ليس فيه من التكلف شيء، بل صوت عادي في سؤالها وكلامها وسلامها وردها ونحو ذلك، هذا لا حرج فيه وليس بعورة.
الجمعة ٢٠ / جمادى الأولى / ١٤٤٦