فالحاصل والخلاصة أنكم سمعتم من الشيخين خيرًا كثيرًا في هذا المجال مجال الدعوة، فليكن عندنا وعند كل واحد منا رغبة في هذا الخير، ولو لم يكن للداعي إلا أنه يعطى مثل أجور من تبعه هذا فضل عظيم يعطى، مثل أجور من تبعه إذا هدى الله على يديه عشرة أعطاك الله مثل أجورهم، وإذا هدى الله على يديك مائة أعطاك مثل أجورهم، وإذا هدى الله على يديك ألفًا أعطاك الله مثل أجورهم، وهكذا مثل أجورهم مع أجرك مع ما أعطاك الله من أجر هذا خير عظيم، وبهذا تعرفون أن الرسل لهم خير عظيم، الرسل عليه الصلاة والسلام لهم خير عظيم؛ لأنهم يلقون مثل أجورهم من هداهم الله بأسبابهم، ونبينا محمد أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام له مثل أجورنا، له مثل أجور أمته من عهده إلى يومنا هذا وإلى ما بعد ذلك إلى يوم القيامة، يعطى مثل أجور أمته عليه الصلاة والسلام؛ لأنه هو الداعي، هو الذي أرشد وعلم عليه الصلاة والسلام، ونقل الصحابة عنه العلم، ثم تناقل من بعدهم، فالرسول ﷺ يعطى مثل أجورهم، والذين نقلوا عنه ودعوا إلى الله يعطون مثل أجورهم، وهكذا فضل الله واسع، وأنت في القرن الرابع عشر والخامس عشر إذا بلغت رسالات الله ودعوت إلى الله أعطاك الله مثل أجور من هداه الله على يديك، وأعطى الله النبي ﷺ مثل ما أعطاك، وأعطى الله الذي علمك مثل ما أعطاك، وهكذا يتسلسل الخير العظيم من فضل الله ، فأنت لا تحرم نفسك هذا الخير العظيم، تعلم وتبصر وادع إلى الله ولو مسألة واحدة ولو مسألتين ولو ثلاث، مثلا أنت تعرف الفاتحة تعرف الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] تعرفها جيدًا علمها ناسًا ما يعرفونها يعطيك الله مثل أجورهم، علم الفاتحة لناس ما يعرفونها تعرف قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] تعرفها جيدًا علمها ناسًا من أهل بيتك ومن غيرهم لا يعرفونها، علمهم إياها واصبر على تعب ذلك والله يعطيك مثل أجورك إذا تعلموا واستفادوا، من هذا تعرف التحيات التحيات لله إلى آخرها تعرفها لكن عندك وفي جهتك أناسًا لا يعرفون هذا الشيء قد يكون في بيتك ما يعرفون هذا الشيء فعلمهم التحيات علمهم إياها علمهم الدعاء بعدها ماذا يقولون حتى يستفيدوا منك شيئًا لم يعرفوه، قل لهم عند حلقة نور على الدرب: استمعوا هذه الحلقة، استمعوها بين المغرب والعشاء، إذا جاءت المغرب استمعوا هذه الفائدة احضروها، إذا جاءت الموسيقى يسكون المذياع، وإذا ذهبت يفتحون على الكلام والتوجيه والإرشاد والعلم يستفيدون من هذا الخير العظيم الذي ساقه الله إليهم من دون تعب، لا يسلمون أجرهم ولا يتعبون ويذهبون على السيارات في بيوتهم في منازلهم، يفتح المذياع في منزله في محله ويسمع العلم وهو في محله لا يتكلف يروح هنا ولا هنا ولا هنا هذه نعمة عظمى ساقها الله إليك، نعمة عظمى ساقها الله على يد بعض أهل العلم، فاحمد الله على هذه النعمة، واتركوا عنكم قيل وقال والسوالف التي لا فائدة فيها تحرموا العلم وربما أصبتم وزرًا بالغيبة والنميمة وأشباه ذلك، ففتح المذياع من الرجال والنساء في المجالس وفي الاجتماعات على نور على الدرب على أهل العلم وعلى أي مقال علمي وأي فائدة علمية يفتح عليها المذياع وتؤخذ الفائدة منها ثم يغلق عن الأغاني وعما يضر، فأنت تأخذ الخير وتدع الشر، مثل إنسان مر على محل إما فيه عشب طيب وعشب رديء يرعي دوابه في الطيب ويأخذ من الطيب ما ينفعه ويترك الباقي، أو مر على بعر وعلى درر وعلى أشياء طيبة فيأخذ الدرر والشيء النافع ويدع البعر لأهله، فأنت في المذياع الذي هو موجود عند كثر الناس تأخذ منه خيرًا تأخذ منه الفائدة العظيمة ثم تغلقه عن الشر ولا تفتحه على الشر، وهكذا في الكتب المفيدة تأخذها وتقتنيها وتراجعها أنت وأولادك وبناتك الذين يستفيدون وغير ذلك، وكذلك تنصح إخوانك إذا رأيت إنسانًا يتساهل في الصلاة وتنصحه وترشده إلى الله وتدعوه أو يتساهل في الكلام الردئ، تنصحه وتقول: أحفظ لسانك، اتق الله يا فلان أو بغير هذا، فالدعوة إلى الله تكون خاصة وتكون عامة وتكون في مسائل قليلة وتكون في مسائل كثيرة على حسب علمك على حسب قدرتك، فالله جل وعلا لا يكلف نفسًا إلا وسعها فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
المهم العناية بهذا الأمر، والحرص والاجتهاد في نفع الناس وتوجيههم إلى الخير والصبر على ذلك في الأوقات التي تستطيعها، وفي حدود علمك، لا تتجاوز علمك، تبصرت عرفت هذا الشيء فادعوا إلى الله في هذا الشيء الذي عرفته، وإياك أن تتجاوزه إلى أشياء لا تدريها ولا تعرفها فتقع في ضلال وتضل الناس بعد ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.