التعاون في النصح بين المسلمين جميعاً

وأنتم -أيها الإخوان- عليكم واجب عظيم لا يجوز لأحد أن يقول هذا على غيري، كل واحد عليه نصيبه، كل واحد عليه واجبه من النصح لله، أما الإخلاص فعلى الجميع عليهم أن يخلصوا لله أعمالهم وحده، وأن يعبدوه وحده ، وأن يستقيموا على دينه، ويحذروا الشرك بالله عز وجل، وأن يؤدوا فرائضه التي أعظمها بعد الشهادتين الصلاة، أعظم الفرائض بعد الشهادتين -بعد شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإيمان بالله ورسوله، أول شيء بعد ذلك- الصلاة والمحافظة عليها وإقامتها وأداؤها في الجماعة في أوقاتها كما شرع الله في حق الرجال، وأداؤها من النساء في البيوت كما شرع الله في الأوقات، ثم الزكاة، ثم صوم رمضان، ثم الحج، إلى غير ذلك، هذا واجب على الجميع، والنصح كذلك في المعاملات، وفي كل شيء، كل واحد عليه نصيبه، وعليه طاقته بأن ينصح لله ولعباده في كل شيء فيما دق وجل، في الواجبات والفرائض الدينية، وفي المعاملات بين الناس في بيعهم وشرائهم وتأجيرهم ومساقاتهم ومزارعاتهم وسائر أعمالهم وصناعاتهم وغير ذلك، كل واحد عليه أن ينصح لله، وأن يأمر بالمعروف، وأن ينهى عن المنكر، وأن يدعو إلى الحق حسب طاقته وإمكانه، كما قال الله : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [التوبة:71] هذه صفات المؤمنين والمؤمنات، هذه أخلاقهم العظيمة، ومن جملتها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا هو النصح.

ثم قال: أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ [التوبة:71] فوعدهم الرحمة على هذه الأعمال، فإن أخلوا بشيء من هذه الأعمال اختل الوعد إلا أن يرحم ربك ويعفو ، فالرحمة مربوطة ومعلقة بأسبابها، فأسبابها طاعة الله ورسوله، والقيام بأمر الله ورسوله، والبعد عما حرم الله ورسوله، فمن وفى وفي له، ومن قصر فلا يلومن إلا نفسه إذا أصابه ما يصيبه بسبب تقصيره من عقوبة عاجلة أو آجلة، وكل مسلم عليه واجبه من النصيحة والتوجيه إلى الخير، والدعوة إلى الله والأخذ بيد السفيه حتى يستقيم.

ومن أعظم الأسباب أن يتعاون الناس جميعًا الفرد قد يخالف وقد يحتقر، لكن التعاون الجماعي فيه خير عظيم، فإذا مشى الاثنان والثلاثة والأربعة والخمسة إلى صاحب المنكر ودعوه إلى الله وأرشدوه بالكلام الطيب بالرفق والحكمة والتخويف من الله فإن هذا يكون له أثره، الجماعة توجهوا إلى جارهم الذي قد قصر في الصلاة أو في غيرها، توجهوا إلى الجماعة من المسجد أو من جيرانه، توجهوا إليه ويقولون له: رأينا منك كذا، وسمعنا منك كذا، وشاهدنا منك كذا، فالواجب عليك تقوى الله، ويجب عليك خوف الله ومراقبته، كيف تفعل هذا؟ ألست مسلمًا؟ ألست تؤمن بالله واليوم الآخر؟ ويعالجون الموضوع بكل عناية، وبكل رحمة وعطف، وبكل إحسان، فإن أجزأ فيه ذلك فهذا هو المطلوب والحمد لله، وإلا عالجوه بالأمور الأخرى من طريق الهيئة الحسبة من طريق إمارة بلدهم من طريق القاضي، يعلمون ما يستطيعون بالحكمة والكلام الطيب والرحمة والعطف والدعاء له بالتوفيق والهداية، وأن ينبهوه إلى الصواب، وأن الله يعيذه من الشيطان، فيكون كلامهم طيبًا وعلمهم طيبًا، فإن هذا يكون أجدى وأقرب إلى النجاح في المعاملات.

وهكذا التعاون فيما يتعلق في سائر الأمور من معاملات بينهم في ظلم لبعضهم البعض في شحناء تعالج الأمور بالحكمة والكلام الطيب والجماعة، لكن الفرد قد ينفع وقد يجدي، لكن إذا كان جماعة الخير أكثر والفائدة أكبر، أسأل الله للجميع التوفيق والهداية وصلاح النية والعمل.