الإيمان يزيد وينقص

وهكذا في الإيمان والمعاصي والطاعات، أهل السنة والجماعة لهم طريق ولهم صراط مستقيم ليست كطريق أهل البدع كالخوارج والمعتزلة وغيرهم، فأهل السنة والجماعة عندهم فيه أن الإيمان يزيد وينقص، الإيمان بالله ورسوله يزيد وينقص، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وأصل إيماننا شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأركان الإسلام إلى الخمسة وهي معلومة لديكم: الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وأركان الإيمان إلى الستة: الإيمان بالله، وبملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره.

وسمعتم ما في هذا من الفائدة والعلم هذه الأصول أهل السنة والجماعة عليها ساروا وعليها استقاموا، وأهل البدع غيروا وبدلوا على أنواع وعلى أقسام، لكن أهل السنة والجماعة حريصون على الحق، يؤمنون بالله ورسوله، ويصدقون بما جاء عن الله وعن رسوله، ويقولون: إيماننا يزيد وينقص، فالصلاة والصيام والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقوى بإيمان العبد ويتضاعف ويزيد ويكثر، وإذا عصى بسرقة أو عقوق أو قطيعة رحم أو شرب مسكر نقص إيمانه وضعف إيمانه، لكن لا يكون كافرًا، مثل الشجرة، الشجرة إذا قطع منها غصن أو غصنين ما تزول لكن تكون شجرة ناقصة، وإذا قطع أساسها واجتث أساسها ذهبت، وهكذا الإيمان له أساس وله أصول وله فروع، فإذا قطع من الفروع بعض الأشياء لا يزول، بل يبقى معه أصل الإيمان كما تقص الشجرة، فأهل السنة والجماعة يقولون الإيمان يزيد وينقص،  فبالاستقامة على طاعة الله والمحافظة على دين الله يقوى الإيمان ويزداد ويكمل، وبتعاطي العبد بعض المعاصي التي لا تكفره كشرب الخمر كالزنا كالعقوق كشهادة الزور كالدعاوى الباطلة والأيمان الكاذبة وأشباه ذلك هذا كله نقص، كلها نقص في الأصول والفروع، كلها تضعف الإيمان وتضعف الدين، ولكن لا يكون كافرًا، بعض أهل البدع يقولون: متى سرق كفر، متى زنا كفر، متى شرب الخمر كفر، ما عندهم فرق بين الأصول والفروع، ولا عندهم فرق بين الزيادة والنقصان، كالخوارج، وهذا باطل، وهكذا المعتزلة من جنسهم يقولون: متى فعل هذه الكبائر خرج من الإسلام وصار مخلدًا في النار يوم القيامة، وإن تورعوا عن تكفيره لكنهم مع المكفرين في المعنى، أما أهل السنة والجماعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان فيقولون: الإيمان يزيد وينقص ما دام أصله موجودًا ما خالف الأصل فإن الفروع إذا أخل منها بشيء لا يكفر ما لم يستحلها فإذا زنا وهو يعلم أن الزنا حرام يكون ناقص الإيمان ضعيف الإيمان مستحقا لعقوبة الله وللحد في الدنيا والعذاب في الآخرة إن مات على ذلك، كذلك إذا شرب الخمر وهو يعلم أنه حرام وأنه عاصي فهو عاص، وإيمانه ناقص، ويستحق الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة، لكن لا يكون كافرًا من جنس اليهود والنصارى والمشركين، لا، إلا إذا استحلها، إذا قال: إن المسكر حلال، والزنا حلال، صار كافرًا كفرًا أكبر، مرتدًا عن الإسلام، نعوذ بالله، كالكفار من اليهود والنصارى وغيرهم، بل أشد وأكثر؛ لأن الردة فوق ذلك، هذه الأشياء التي سمعتم ووضحت لكم أصول عظيمة ومهمات عظيمة ينبغي أن تكون على البال.