الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد سمعنا جميعا هذه الندوة المباركة الطيبة التي اشترك فيها أصحاب الفضيلة المشايخ فيما يتعلق بالعلاقات الزوجية ولقد أجاد أصحاب الفضيلة وأفادوا وأوضحوا ما ينبغي في هذا الموضوع العظيم، الذي هو جدير جدًا بالعناية والبسط والتنبيه على ما قد وقع من الناس من التفريط في هذه العلاقة وعدم العناية بها على الوجه المرضي إلا من شاء الله، ولقد أوضح المشايخ في هذه العلاقة الجوانب الكثيرة التي ينبغي للزوج والزوجة العناية بها، وكذلك أقاربهما ومن حولهما ومن يتصل بهما فينبغي أن يكون لهما نصيب من التشجيع والحث على الالتزام بالعلاقة الصالحة والتحذير من العلاقة المنحرفة، وأن هذه الندوة المباركة بحق ندوة عظيمة مفيدة جديرة بأن تُنشر وتُبث للمجتمع من طريق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة، وأن تُنشر في كتيب خاص يحرره أصحاب الفضيلة الثلاثة ويعتنون به ويطبع ويوزع بين الناس؛ لأن هذا المقام مقام عظيم والحاجة ماسة إلى كل ما يبصر الناس في هذه العلاقة العظيمة التي كادت تنفصم سريعًا من كثير من الناس أو من أكثر الناس، بأسباب انحراف الزوج وانحراف الزوجة، وعدم التزام أمر الله في ذلك، ولقد أوضح أصحاب الفضيلة أن الأمر الجامع في ذلك هو التزام كل منهما بما يجب عليه وتأدبه بالآداب التي تنبغي منه، وأن يكون للزوج حقه وللزوجة حقها، وأن يحرص كل واحد منهما على أداء ما عليه بالأسلوب الحسن، وبالخلق الكريم وبالطرق الطيبة والوسائل الحسنة، حتى إذا أدى كل واحد ما عليه، استقامت الأحوال، وصار البيت روضة طيبة من رياض الجنة، فيما بينهما، وأن هذه العلاقات تنبني على آيات ثلاث إذا التزام بها المؤمن والمؤمنة استقامت الأحوال، وحصل كل خير.
الآية الأولى: قوله جل وعلا: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19].
والآية الثانية: قوله جل وعلا: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228].
الآية الثالثة: قوله جل وعلا: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء:34].
فهذه الآيات الثلاث قد نظمت أمر الزوجين والعلاقة بينهما فالواجب عليهما أداء الواجب، وهناك آية رابعة يجب أن يعتنى بها أيضًا، وأن تلاحظ كما ذكر أصحاب الفضيلة. وهي قوله جل وعلا: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء: 34]، الرجل يعرف واجبه وأنه قوام، والمرأة تعرف حقها وأن الرجل قوام عليها، وأن على الرجل أن يعدل في قوامته، وأن يستقيم في قوامته، وأن يحرص على الخير، وأن ينصف وأن يتحرى الحق، وعليها هي أن تُعْنَى بالسمع والطاعة، والقيام بواجبها وأن تعلم أن للزوج عليها درجة، فعليها أن تعنى بهذا الأمر وأن تعاشره بالمعروف، كما يعاشرها بالمعروف، وأن تعلم له درجته وفضله عليها ومزيته الزائدة، فإذا التزم الرجل بالحق والإنصاف في كسوتها، وفي مخالفته لها وإيناسه إياها ومعاشرتها بالمعروف، وقوامه عليها بما يلزم من جهة الدين والدنيا، ثم هي كذلك قامت بما عليها بالمعروف من طاعته، والسمع والطاعة بالمعروف، وإيناسه وقضاء حاجته، وحسن التصرف في رعاية بيته وأولاده، إلى غير ذلك فإنهما بذلك تستقيم أحوالهما، وتحسن العلاقة بينهما، وكل واحد يكون معلمًا ومرشدًا ومعينًا لصاحبه، في كل ما ينفعه في الدنيا والآخرة، فهذا الزوج يعتني، وهي تعتني أيضًا، وهو يعتني بأمر الله في نفسه، وفي أولاده وفيما يتعلق بها ومصالحها وحاجاتها، وهي تعتني أيضا بحاجاته والسمع والطاعة له، وإنصافه وحسن التبعل والمعاشرة، وهكذا مع أولادها ومع بيتها، كل ذلك من المهمات العظيمة التي بيَّن أصحاب الفضيلة شأنها.
ومن المهمات التي تسبب شرًا كثيرًا بين الزوجين، في الوقت الحاضر بأسباب كثيرة، تخلّف الزوج عن البيت، وسهره الكثير، حتى لا يأتي إلى البيت إلا في آخر الليل، أو في الصباح ويدعها وحدها، أو مع أطفالها أو وحدها ليس عندها أطفال، فإذا جاء إليها فإذا هو قد تعب وانتهت قوته، لما حصل منه بالليل مما يعلمه الله من سهره على كذا، وسهره على كذا، إما في المعاصي والسيئات والخمور، وإما في أمور أخرى غير ذلك، فيأتي وقد تعب وقد انتهت قوته، فيطرح نفسه ويضيع الصلاة ويضيع حق الزوجة ويضيع كل شيء حتى ينتفع من هذه النومة، والمقصود أن هذا خطر عظيم، وهو واقع فيه كثير من الناس، وهو من أعظم الأسباب في كراهيتها له، وبغضها له، ومن أعظم الأسباب في الانفصام والمفارقة.
وهكذا هي خروجها من البيت، وإضاعة البيت وإضاعة الأطفال، إلى الأسواق وإلى الجيران وإلى كذا وإلى كذا، ولا تبالي بأمره، هذا أيضا من أسباب الفساد، ومن أسباب الفرقة والاختلاف، والخلاصة أن الواجب على كل منهما أن يتقي الله، وأن يراقب الله، وأن يتناصحا، وأن يتعاونا على البر والتقوى، وأن يقوم كل منهما بما عليه، يعنى الزوج في إكرامها، والإحسان إليها وإيناسها وأداء حقها، من غير إسراف ولا إفراط، وهي كذلك تقوم بما يلزم، والله جل وعلا يعينهما إذا صدقا في ذلك، وأرادا الخير، وأخلصا لله في ذلك، فإن الله يعينهما ويسهل أمرهما، أما إذا كان كل واحد لا يبالي إلا بحقه، ولا يبالي إلا بمصلحته، ولا تهمه مصلحة الآخر، فإن هذا هو طريق النزاع الكامل، والمشاكل التي لا تنتهي، ثم الفراق بعد ذلك.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية وجزى الله المشايخ عن هذه الندوة خيرا، فإن الندوة ليس عليها مزيد، هي وافية شاملة جيدة طيبة، نسأل الله أن ينفع المستمعين بها، وينفع غيرهم أيضًا، فإنها جديرة بأن تعلن وتنشر، حتى يستفيد منها الأكثر بتوفيق الله وهدايته جل وعلا، وما أصابنا إلا بإعراضنا عن ديننا في كل شيء وما أصاب الناس: الزوجين وغير الزوجين ما أصابهم إلا بسبب الإعراض عن دين الله، وعدم التفقه في الدين، لا في مسألة الزوجين، ولا في المسائل الأخرى، وكثير من الناس الآن لا يبالي بالصلاة، وتشكو زوجته من حاله، من جهة الصلاة وإضاعة الصلاة، وشرب الخمور، يأتي معربدًا ليس عنده عقل، وليس عنده عناية بالصلاة، ولا بالصيام، وهي امرأة فيها خير فلا ترى فيه إلا الشر، والبلاء، فتضطر إلى المفارقة والذهاب إلى أهلها، إذا كان فيها خير، والزوج كذلك قد يكون طيبا، والزوجة ليس فيها خير، مضيعة للصلوات، ليس عندها أخلاق فيحتاج إلى إصلاحها، وإلى توجيهها، وقد يتعب ولا يستطيع، فتنتهي المسألة إلى المفارقة، لإصرارها على حالها السيئة، أو لإصراره هو على حاله السيئ، وقل من الناس من يصلح بالخير، قل من الناس اليوم من يتولى الإصلاح بالمعروف، وحسن التدخل وحسن التوجيه، فلهذا يعظم النزاع، ويكثر النزاع، ويكثر الطلاق، وتسوء الحال بين الزوجين في الدين والدنيا، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
وإن أعظم سبب للصلاح والإصلاح التفقه في الدين والرجوع إلى الله، وسؤاله الهداية ، قال النبي ﷺ: من يرد الله به خيرا يفقه في الدين[1]، فالتفقه في دين الله وقصد الخير وقصد الإنصاف من النفس، هذا من أعظم الأسباب في صلاح الزوج، وصلاح الزوجة، وصلاح الأسرة، وانخذال الشيطان، فنوصي الجميع بالتفقه في الدين، والحرص على سماع الأحاديث الدينية في الإذاعة، وفي غير الإذاعة، سماع الأحاديث الدينية والحلقات العلمية النافعة، وسماع القرآن الكريم من إذاعة القرآن، فإن في سماع القرآن والإنصات له الخير العظيم، والفائدة الكبيرة فنوصي الجميع بأن يهتم كل واحد بالعناية بسماع كتاب الله، والإنصات لكتاب الله، والاستفادة من القرآن في الأوقات المناسبة، والاستفادة من الأحاديث الدينية، التي تنشر في إذاعة القرآن، وفي غير ذلك والاستفادة من حلقات العلم، في أي مكان كانت، ولو سافر إليها، فيما بين وقت وآخر، ليستفيد وليتعلم، وهكذا يرشد زوجته إلى أن تسمع الشيء الذي ينفعها، ويعطيها كتابات نافعة، والكتب المختصرة، التي تفيدها إذا كانت تقرأ ويتحدث معها في كل خير في أوقات مناسبة، حتى تستفيد وحتى يفيدها، وحتى يستصلحها، وفق ما يكون، ليحصل له بذلك الأجر العظيم، ويكون له مثل أجرها، إذا هداها الله على يديه.
رزق الله الجميع التوفيق وهدانا صراطه المستقيم، وجزى الله المشايخ عن ندوتهم خيرًا، وضاعف مثوبتهم، وزادنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه[2].
فقد سمعنا جميعا هذه الندوة المباركة الطيبة التي اشترك فيها أصحاب الفضيلة المشايخ فيما يتعلق بالعلاقات الزوجية ولقد أجاد أصحاب الفضيلة وأفادوا وأوضحوا ما ينبغي في هذا الموضوع العظيم، الذي هو جدير جدًا بالعناية والبسط والتنبيه على ما قد وقع من الناس من التفريط في هذه العلاقة وعدم العناية بها على الوجه المرضي إلا من شاء الله، ولقد أوضح المشايخ في هذه العلاقة الجوانب الكثيرة التي ينبغي للزوج والزوجة العناية بها، وكذلك أقاربهما ومن حولهما ومن يتصل بهما فينبغي أن يكون لهما نصيب من التشجيع والحث على الالتزام بالعلاقة الصالحة والتحذير من العلاقة المنحرفة، وأن هذه الندوة المباركة بحق ندوة عظيمة مفيدة جديرة بأن تُنشر وتُبث للمجتمع من طريق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة، وأن تُنشر في كتيب خاص يحرره أصحاب الفضيلة الثلاثة ويعتنون به ويطبع ويوزع بين الناس؛ لأن هذا المقام مقام عظيم والحاجة ماسة إلى كل ما يبصر الناس في هذه العلاقة العظيمة التي كادت تنفصم سريعًا من كثير من الناس أو من أكثر الناس، بأسباب انحراف الزوج وانحراف الزوجة، وعدم التزام أمر الله في ذلك، ولقد أوضح أصحاب الفضيلة أن الأمر الجامع في ذلك هو التزام كل منهما بما يجب عليه وتأدبه بالآداب التي تنبغي منه، وأن يكون للزوج حقه وللزوجة حقها، وأن يحرص كل واحد منهما على أداء ما عليه بالأسلوب الحسن، وبالخلق الكريم وبالطرق الطيبة والوسائل الحسنة، حتى إذا أدى كل واحد ما عليه، استقامت الأحوال، وصار البيت روضة طيبة من رياض الجنة، فيما بينهما، وأن هذه العلاقات تنبني على آيات ثلاث إذا التزام بها المؤمن والمؤمنة استقامت الأحوال، وحصل كل خير.
الآية الأولى: قوله جل وعلا: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19].
والآية الثانية: قوله جل وعلا: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228].
الآية الثالثة: قوله جل وعلا: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء:34].
فهذه الآيات الثلاث قد نظمت أمر الزوجين والعلاقة بينهما فالواجب عليهما أداء الواجب، وهناك آية رابعة يجب أن يعتنى بها أيضًا، وأن تلاحظ كما ذكر أصحاب الفضيلة. وهي قوله جل وعلا: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء: 34]، الرجل يعرف واجبه وأنه قوام، والمرأة تعرف حقها وأن الرجل قوام عليها، وأن على الرجل أن يعدل في قوامته، وأن يستقيم في قوامته، وأن يحرص على الخير، وأن ينصف وأن يتحرى الحق، وعليها هي أن تُعْنَى بالسمع والطاعة، والقيام بواجبها وأن تعلم أن للزوج عليها درجة، فعليها أن تعنى بهذا الأمر وأن تعاشره بالمعروف، كما يعاشرها بالمعروف، وأن تعلم له درجته وفضله عليها ومزيته الزائدة، فإذا التزم الرجل بالحق والإنصاف في كسوتها، وفي مخالفته لها وإيناسه إياها ومعاشرتها بالمعروف، وقوامه عليها بما يلزم من جهة الدين والدنيا، ثم هي كذلك قامت بما عليها بالمعروف من طاعته، والسمع والطاعة بالمعروف، وإيناسه وقضاء حاجته، وحسن التصرف في رعاية بيته وأولاده، إلى غير ذلك فإنهما بذلك تستقيم أحوالهما، وتحسن العلاقة بينهما، وكل واحد يكون معلمًا ومرشدًا ومعينًا لصاحبه، في كل ما ينفعه في الدنيا والآخرة، فهذا الزوج يعتني، وهي تعتني أيضًا، وهو يعتني بأمر الله في نفسه، وفي أولاده وفيما يتعلق بها ومصالحها وحاجاتها، وهي تعتني أيضا بحاجاته والسمع والطاعة له، وإنصافه وحسن التبعل والمعاشرة، وهكذا مع أولادها ومع بيتها، كل ذلك من المهمات العظيمة التي بيَّن أصحاب الفضيلة شأنها.
ومن المهمات التي تسبب شرًا كثيرًا بين الزوجين، في الوقت الحاضر بأسباب كثيرة، تخلّف الزوج عن البيت، وسهره الكثير، حتى لا يأتي إلى البيت إلا في آخر الليل، أو في الصباح ويدعها وحدها، أو مع أطفالها أو وحدها ليس عندها أطفال، فإذا جاء إليها فإذا هو قد تعب وانتهت قوته، لما حصل منه بالليل مما يعلمه الله من سهره على كذا، وسهره على كذا، إما في المعاصي والسيئات والخمور، وإما في أمور أخرى غير ذلك، فيأتي وقد تعب وقد انتهت قوته، فيطرح نفسه ويضيع الصلاة ويضيع حق الزوجة ويضيع كل شيء حتى ينتفع من هذه النومة، والمقصود أن هذا خطر عظيم، وهو واقع فيه كثير من الناس، وهو من أعظم الأسباب في كراهيتها له، وبغضها له، ومن أعظم الأسباب في الانفصام والمفارقة.
وهكذا هي خروجها من البيت، وإضاعة البيت وإضاعة الأطفال، إلى الأسواق وإلى الجيران وإلى كذا وإلى كذا، ولا تبالي بأمره، هذا أيضا من أسباب الفساد، ومن أسباب الفرقة والاختلاف، والخلاصة أن الواجب على كل منهما أن يتقي الله، وأن يراقب الله، وأن يتناصحا، وأن يتعاونا على البر والتقوى، وأن يقوم كل منهما بما عليه، يعنى الزوج في إكرامها، والإحسان إليها وإيناسها وأداء حقها، من غير إسراف ولا إفراط، وهي كذلك تقوم بما يلزم، والله جل وعلا يعينهما إذا صدقا في ذلك، وأرادا الخير، وأخلصا لله في ذلك، فإن الله يعينهما ويسهل أمرهما، أما إذا كان كل واحد لا يبالي إلا بحقه، ولا يبالي إلا بمصلحته، ولا تهمه مصلحة الآخر، فإن هذا هو طريق النزاع الكامل، والمشاكل التي لا تنتهي، ثم الفراق بعد ذلك.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية وجزى الله المشايخ عن هذه الندوة خيرا، فإن الندوة ليس عليها مزيد، هي وافية شاملة جيدة طيبة، نسأل الله أن ينفع المستمعين بها، وينفع غيرهم أيضًا، فإنها جديرة بأن تعلن وتنشر، حتى يستفيد منها الأكثر بتوفيق الله وهدايته جل وعلا، وما أصابنا إلا بإعراضنا عن ديننا في كل شيء وما أصاب الناس: الزوجين وغير الزوجين ما أصابهم إلا بسبب الإعراض عن دين الله، وعدم التفقه في الدين، لا في مسألة الزوجين، ولا في المسائل الأخرى، وكثير من الناس الآن لا يبالي بالصلاة، وتشكو زوجته من حاله، من جهة الصلاة وإضاعة الصلاة، وشرب الخمور، يأتي معربدًا ليس عنده عقل، وليس عنده عناية بالصلاة، ولا بالصيام، وهي امرأة فيها خير فلا ترى فيه إلا الشر، والبلاء، فتضطر إلى المفارقة والذهاب إلى أهلها، إذا كان فيها خير، والزوج كذلك قد يكون طيبا، والزوجة ليس فيها خير، مضيعة للصلوات، ليس عندها أخلاق فيحتاج إلى إصلاحها، وإلى توجيهها، وقد يتعب ولا يستطيع، فتنتهي المسألة إلى المفارقة، لإصرارها على حالها السيئة، أو لإصراره هو على حاله السيئ، وقل من الناس من يصلح بالخير، قل من الناس اليوم من يتولى الإصلاح بالمعروف، وحسن التدخل وحسن التوجيه، فلهذا يعظم النزاع، ويكثر النزاع، ويكثر الطلاق، وتسوء الحال بين الزوجين في الدين والدنيا، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
وإن أعظم سبب للصلاح والإصلاح التفقه في الدين والرجوع إلى الله، وسؤاله الهداية ، قال النبي ﷺ: من يرد الله به خيرا يفقه في الدين[1]، فالتفقه في دين الله وقصد الخير وقصد الإنصاف من النفس، هذا من أعظم الأسباب في صلاح الزوج، وصلاح الزوجة، وصلاح الأسرة، وانخذال الشيطان، فنوصي الجميع بالتفقه في الدين، والحرص على سماع الأحاديث الدينية في الإذاعة، وفي غير الإذاعة، سماع الأحاديث الدينية والحلقات العلمية النافعة، وسماع القرآن الكريم من إذاعة القرآن، فإن في سماع القرآن والإنصات له الخير العظيم، والفائدة الكبيرة فنوصي الجميع بأن يهتم كل واحد بالعناية بسماع كتاب الله، والإنصات لكتاب الله، والاستفادة من القرآن في الأوقات المناسبة، والاستفادة من الأحاديث الدينية، التي تنشر في إذاعة القرآن، وفي غير ذلك والاستفادة من حلقات العلم، في أي مكان كانت، ولو سافر إليها، فيما بين وقت وآخر، ليستفيد وليتعلم، وهكذا يرشد زوجته إلى أن تسمع الشيء الذي ينفعها، ويعطيها كتابات نافعة، والكتب المختصرة، التي تفيدها إذا كانت تقرأ ويتحدث معها في كل خير في أوقات مناسبة، حتى تستفيد وحتى يفيدها، وحتى يستصلحها، وفق ما يكون، ليحصل له بذلك الأجر العظيم، ويكون له مثل أجرها، إذا هداها الله على يديه.
رزق الله الجميع التوفيق وهدانا صراطه المستقيم، وجزى الله المشايخ عن ندوتهم خيرًا، وضاعف مثوبتهم، وزادنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه[2].
- رواه البخاري في (كتاب العلم) باب من يرد الله به خير يفقهه في الدين، حديث رقم (69)، ورواه مسلم في (كتاب الزكاة) باب النهي عن المسألة، حديث رقم (1719).
- تعليق لسماحته على ندوة بعنوان: (العلاقات الزوجية) أقيمت في الجامع الكبير بالرياض عام 1397هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 21/ 210).