ج: هذا الذي نقلته عن النووي في تقسيمه البدعة إلى خمسة أقسام قد ذكره جماعة من أهل العلم، وقالوا: إن البدعة تنقسم إلى أقسام خمسة: واجبة ومستحبة، ومباحة، ومحرمة، ومكروهة.
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن البدعة كلها ضلالة وليس فيها تقسيم، بل كلها كما قال النبي ﷺ: ضلالة، قال عليه الصلاة والسلام: كل بدعة ضلالة هكذا جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ؛ ومنها ما رواه مسلم في الصحيح عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما قال: كان النبي ﷺ يخطب يوم الجمعة ويقول في خطبته: أما بعد؛ فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة وجاء في هذا المعنى عدة أحاديث من حديث عائشة ومن حديث العرباض بن سارية وأحاديث أخرى، وهذا هو الصواب، أنها لا تنقسم إلى هذه الأقسام التي ذكر النووي وغيره بل كلها ضلالة.
والبدعة تكون في الدين لا في الأمور المباحة، كالتنوع في الطعام على وجه جديد لا يعرف في الزمن الأول، فهذا لا يسمى بدعة من حيث الشرع المطهر وإن كان بدعة من حيث اللغة، فالبدعة في اللغة: هي الشيء المحدث على غير مثال سبق، كما قال : بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [البقرة: 117] يعني مبتدعها وموجدها على غير مثال سابق، لكن لا يقال في شيء أنه في الشرع المطهر بدعة إلا إذا كان محدثا لم يأت في الكتاب والسنة ما يدل على شرعيته، وهذا هو الحق الذي ارتضاه جماعة من أهل العلم وقرروه وردوا على من خالف ذلك.
أما تأليف الكتب وتنظيم الأدلة في الرد على الملحدين وخصوم الإسلام فلا يسمى بدعة؛ لأن ذلك مما أمر به الله ورسوله وليس ذلك بدعة، فالقرآن الكريم جاء بالرد على أعداء الله وكشف شبههم بالآيات الواضحات، وجاءت السنة بذلك أيضا بالرد على خصوم الإسلام، وهكذا المسلمون من عهد الصحابة إلى عهدنا هذا، فهذا كله لا يسمى بدعة، بل هو قيام بالواجب وجهاد في سبيل الله وليس ببدعة.
وهكذا بناء المدارس والقناطر وغير هذا مما ينفع المسلمين لا يسمى بدعة من حيث الشرع؛ لأن الشرع أمر بالتعليم، فالمدارس تعين على التعليم، وكذلك الربط للفقراء؛ لأن الله أمر بالإحسان إلى الفقراء والمساكين، فإذا بني لهم مساكن وسميت ربطا فهذا مما أمر الله به.
وهكذا القناطر على الأنهار، كل هذا مما ينفع الناس وليس ببدعة، بل هو أمر مشروع، وتسميته بدعة إنما يكون من حيث اللغة؛ كما قال عمر في التراويح لما جمع الناس على إمام واحد وقال: نعمت البدعة هذه، مع أن التراويح سنة مؤكدة فعلها النبي ﷺ وحث عليها ورغّب فيها، فليست بدعة بل هي سنة، ولكن سماها عمر بدعة من حيث اللغة؛ لأنها فعلت على غير مثال سابق؛ لأنهم كانوا في عهد النبي ﷺ وبعده يصلون أوزاعا في المسجد ليسوا على إمام واحد، هذا يصلي مع اثنين، وهذا يصلي مع ثلاثة، وصلى بهم النبي عليه السلام ثلاث ليال ثم ترك وقال: إني أخشى أن تفرض عليكم صلاة الليل فتركها خوفا على أمته أن تفرض عليهم، فلما توفي ﷺ أُمن ذلك، ولذا أمر بها عمر .
فالحاصل أن قيام رمضان سنة مؤكدة وليست بدعة من حيث الشرع، وبذلك يعلم أن كل ما أحدثه الناس في الدين مما لم يشرعه الله فإنه يسمى بدعة وهي بدعة ضلالة، ولا يجوز فعلها، ولا يجوز تقسيم البدع إلى واجب وإلى سنة وإلى مباح... إلخ؛ لأن ذلك خلاف الأدلة الشرعية الثابتة عن النبي ﷺ كما سبق إيضاح ذلك. والله ولي التوفيق[1].
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن البدعة كلها ضلالة وليس فيها تقسيم، بل كلها كما قال النبي ﷺ: ضلالة، قال عليه الصلاة والسلام: كل بدعة ضلالة هكذا جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ؛ ومنها ما رواه مسلم في الصحيح عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما قال: كان النبي ﷺ يخطب يوم الجمعة ويقول في خطبته: أما بعد؛ فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة وجاء في هذا المعنى عدة أحاديث من حديث عائشة ومن حديث العرباض بن سارية وأحاديث أخرى، وهذا هو الصواب، أنها لا تنقسم إلى هذه الأقسام التي ذكر النووي وغيره بل كلها ضلالة.
والبدعة تكون في الدين لا في الأمور المباحة، كالتنوع في الطعام على وجه جديد لا يعرف في الزمن الأول، فهذا لا يسمى بدعة من حيث الشرع المطهر وإن كان بدعة من حيث اللغة، فالبدعة في اللغة: هي الشيء المحدث على غير مثال سبق، كما قال : بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [البقرة: 117] يعني مبتدعها وموجدها على غير مثال سابق، لكن لا يقال في شيء أنه في الشرع المطهر بدعة إلا إذا كان محدثا لم يأت في الكتاب والسنة ما يدل على شرعيته، وهذا هو الحق الذي ارتضاه جماعة من أهل العلم وقرروه وردوا على من خالف ذلك.
أما تأليف الكتب وتنظيم الأدلة في الرد على الملحدين وخصوم الإسلام فلا يسمى بدعة؛ لأن ذلك مما أمر به الله ورسوله وليس ذلك بدعة، فالقرآن الكريم جاء بالرد على أعداء الله وكشف شبههم بالآيات الواضحات، وجاءت السنة بذلك أيضا بالرد على خصوم الإسلام، وهكذا المسلمون من عهد الصحابة إلى عهدنا هذا، فهذا كله لا يسمى بدعة، بل هو قيام بالواجب وجهاد في سبيل الله وليس ببدعة.
وهكذا بناء المدارس والقناطر وغير هذا مما ينفع المسلمين لا يسمى بدعة من حيث الشرع؛ لأن الشرع أمر بالتعليم، فالمدارس تعين على التعليم، وكذلك الربط للفقراء؛ لأن الله أمر بالإحسان إلى الفقراء والمساكين، فإذا بني لهم مساكن وسميت ربطا فهذا مما أمر الله به.
وهكذا القناطر على الأنهار، كل هذا مما ينفع الناس وليس ببدعة، بل هو أمر مشروع، وتسميته بدعة إنما يكون من حيث اللغة؛ كما قال عمر في التراويح لما جمع الناس على إمام واحد وقال: نعمت البدعة هذه، مع أن التراويح سنة مؤكدة فعلها النبي ﷺ وحث عليها ورغّب فيها، فليست بدعة بل هي سنة، ولكن سماها عمر بدعة من حيث اللغة؛ لأنها فعلت على غير مثال سابق؛ لأنهم كانوا في عهد النبي ﷺ وبعده يصلون أوزاعا في المسجد ليسوا على إمام واحد، هذا يصلي مع اثنين، وهذا يصلي مع ثلاثة، وصلى بهم النبي عليه السلام ثلاث ليال ثم ترك وقال: إني أخشى أن تفرض عليكم صلاة الليل فتركها خوفا على أمته أن تفرض عليهم، فلما توفي ﷺ أُمن ذلك، ولذا أمر بها عمر .
فالحاصل أن قيام رمضان سنة مؤكدة وليست بدعة من حيث الشرع، وبذلك يعلم أن كل ما أحدثه الناس في الدين مما لم يشرعه الله فإنه يسمى بدعة وهي بدعة ضلالة، ولا يجوز فعلها، ولا يجوز تقسيم البدع إلى واجب وإلى سنة وإلى مباح... إلخ؛ لأن ذلك خلاف الأدلة الشرعية الثابتة عن النبي ﷺ كما سبق إيضاح ذلك. والله ولي التوفيق[1].
- (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 5/178).