الجواب:
صلاة الرسول ﷺ أعدل صلاة، وأكمل صلاة -عليه الصلاة والسلام- فيقول: صلوا كما رأيتموني أصلي كان يصلي صلاة فيها الطمأنينة، وفيها الركود، والخشوع، عليه الصلاة والسلام:
يبدؤها بالتكبير: الله أكبر، ثم يستفتح قبل القراءة، والأغلب يستفتح بقوله: اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد، هكذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه سأله عن سكوته بعد التكبير؛ فقال: إنه يقول هذا الدعاء، في صلاة الفريضة، وهكذا النوافل، وإن استفتح بالحديث الآخر: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك فحسن، كله طيب.
ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقرأ الحمد، الفاتحة يقرؤها قراءة مرتلة ومطمئنة، يعطي الحروف حقها، فإذا قال: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] قال: آمين، في الجهرية، يجهر كالمغرب والعشاء والفجر والجمعة، وفي السر يسرها بينه وبين نفسه، ثم يقرأ ما تيسر من السور، أو الآيات، كان يطول في الفجر، يقرأ من طوال المفصل، وربما قرأ بالستين آية والمائة الآية في الركعتين، وربما قرأ بـ(ق) وأشباهها كالطور والذاريات في الفجر، وربما قرأ بـ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون:1] في الركعتين، وفي المغرب تارة بالطوال، فقد قرأ بالطور في المغرب، وقد قرأ بالأعراف في الركعتين في بعض الأحيان، وقرأ بالمرسلات في المغرب، والغالب يقرأ بالقصار، قصار المفصل، مثل: إِذَا زُلْزِلَتِ وَالْعَادِيَاتِ وإِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وما أشبه ذلك: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا فالمؤمن يفعل كما فعل النبي ﷺ تارة يطول، وتارة يقرأ بالقصار في المغرب.
وفي العشاء والظهر والعصر بالأوساط، يقرأ بالأوساط مثل: لَمْ يَكُنِ، مثل: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ عَبَسََ وَتَوَلَّى، وأشباه ذلك، في العشاء، وفي الظهر وفي العصر، وتكون الظهر أطول بعض الشيء من العصر، هذه سنته، عليه الصلاة والسلام.
وفي الركوع يطمئن ولا يعجل، ويأتي بالتسبيح: (سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم) خمس مرات، سبع مرات، (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) في الركوع، (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) ويركد يضع يديه على ركبتيه، يسوي رأسه مع ظهره معتدلًا مطمئنًا، ثم يرفع رأسه قائلًا: (سمع الله لمن حمده) إذا كان إمامًا، أو منفردًا، وإن كان مأمومًا يرفع يقول: (ربنا ولك الحمد) أو (اللهم ربنا لك الحمد) ثم يكمل: (حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد) وربما زاد -عليه الصلاة والسلام- بعد هذا: «أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» يعني: يطول في هذا الركن يعتدل، ويطمئن.
ثم يسجد، ويعتدل في السجود على أعضائه السبعة: أطراف قدميه وركبتيه وكفيه ووجهه، يجعل جبهته وأنفه على الأرض، ويعتدل، يرفع بطنه عن فخذيه، يجافي عضديه عن جنبيه، يرفع ذراعيه عن الأرض يعتمد على كفيه، يطمئن ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ويكررها خمسًا، أو سبعًا، أو عشرًا، ويقول: (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني) (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره) (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) .
يدعو في السجود، كان النبي ﷺ يدعو في السجود، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم يعني: حري أن يستجاب لكم، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء.
فالسنة أن يطمئن في السجود، ويكثر من الدعاء في السجود مع قوله: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات، خمس مرات، سبع مرات، في الركوع: سبحان ربي العظيم، في السجود: سبحان ربي الأعلى، مع الدعاء مع قوله: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) لا يعجل.
ثم يجلس بين السجدتين، ويطمئن، ويركد، ولا يعجل، يقول: (رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني واجبرني وارزقني وعافني).
بين السجدتين يطمئن، ويجلس على رجله اليسرى، يفرشها، ويجلس عليها، وينصب اليمنى إذا استطاع ذلك، ثم يسجد الثانية مثل الأولى، يطمئن فيها، ويقول فيها مثلما قال في الأولى، هكذا صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي آخرها بعد الثنتين يجلس للتحيات يقرأ التحيات إلى قوله: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) ثم ينهض إلى الثالثة، وإن صلى على النبي ﷺ فهو أفضل، النبي ﷺ ربما نهض، وربما صلى على النبي ﷺ ثم نهض إلى الثالثة.
ثم يقرأ في الثالثة الحمد فقط، هكذا روى أبو قتادة الأنصاري عن النبي ﷺ: أنه كان يقرأ في الثالثة والرابعة في الظهر والعصر بفاتحة الكتاب في الثالثة والرابعة، وهكذا في الثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء بالفاتحة، وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر بعض الشيء زيادة بعض الأحيان؛ فلا بأس؛ لحديث أبي سعيد الوارد في ذلك.
المقدم: في الظهر خاصة؟
الشيخ: خاصة، لكن الأفضل والأكثر يكون الفاتحة وحدها، لكن إن زاد في بعض الأحيان في الثالثة والرابعة من الظهر بعض الآيات، أو بعض السور؛ فلا بأس؛ لأنه ورد في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد ما يدل على أنه ربما زاد في الثالثة والرابعة من الظهر بعد الفاتحة، بعض الشيء، عليه الصلاة والسلام.
ثم يجلس بعد الثالثة في المغرب، وبعد الرابعة في الظهر والعصر والعشاء، وبعد الثانية في الفجر، يقرأ التحيات ويصلي على النبي ﷺ، ويقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال ويكثر من الدعاء أيضًا، يكثر من الدعاء: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتكاللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، ومن عذاب القبر وإن دعا بغير ذلك؛ فالحمد لله، يدعو ما تيسر، اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.
النبي ﷺ قال: ثم يدعو، ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه وهذا من دعواته -عليه الصلاة والسلام- في التشهد الأخير قبل أن يسلم، بعد التحيات، وبعد الصلاة على النبي ﷺ وبعد قوله: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال.
بعد هذا يجتهد في الدعاء بما تيسر، ثم يسلم تسليمتين: (السلام عليكم ورحمة الله) عن يمينه (السلام عليكم ورحمة الله) عن يساره، هذا تمام الصلاة، يفتحها بالتكبير، ويختمها بالتسليم، هكذا كان -عليه الصلاة والسلام- فينبغي للمؤمن والمؤمنة تحري هذا، وأن يصلي كما صلى النبي ﷺ؛ لأنه قال: صلوا كما رأيتموني أصلي اللهم صل عليه وسلم.
المقدم: اللهم صل عليه.
الشيخ: نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم.