ما صحة قصة من استغاث بالله فأرسل الله إليه ملكاً؟

السؤال:

سماحة الشيخ أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الأخ المستمع أحمد سلام من جدة، أخونا أحمد ضمن رسالته جمعًا من الأسئلة في أحدها يقول: ذكر ابن أبي الدنيا في كتاب المجابين في الدعاء عن الحسن قال : كان رجل من أصحاب النبي ﷺ من الأنصار يكنى أبا معلق، وكان تاجرًا يتجر بمال له ولغيره، يضرب به الآفاق، وكان ناسكًا ورعًا، فخرج مرة، فلقيه لص مقنع في السلاح فقال له: ما معك فإني قاتلك، قال: فما تريد إلا دمي فشأنك والمال، قال: أما المال فلا، ولست أريد إلا دمك، قال: أما إذا أبيت فذرني أصلي أربع ركعات، قال: صل ما بدا لك، فتوضأ، ثم صلى أربع ركعات، وكان من دعائه في آخر سجدة أن قال: يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعالًا لما تريد، أسألك بعزك الذي لا يرام، وبملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص، يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني، فإذا هو بفارس أقبل بيده حربة قد وضعها بين أذني فرسه، فلما بصر به اللص؛ أقبل نحوه، فطعنه، فقتله، ثم أقبل إليه، فقال: قم، فقال: من أنت بأبي أنت وأمي فقد أغاثني الله بك اليوم، فقال: أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت بدعائك؛ فسمعت لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوت بدعائك الثاني؛ فسمعت لأهل السماء ضجة، ثم دعوت بدعائك الثالث، فقيل لي: دعاء مكروب، فسألت الله أن يوليني قتله. قال الحسن: فمن توضأ، وصلى أربع ركعات، ودعا بهذا الدعاء؛ استجيب له مكروبًا كان، أو غير مكروب انتهى، هل ما جاء في هذه القصة صحيح؟ وإذا كان صحيحًا هل من الجائز العمل بما قاله الحسن في نهاية القصة، أفتونا في هذا جزاكم الله خيرًا؟ 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد. 

فهذه القصة معروفة، وذكرها العلامة ابن القيم -رحمه الله- في الجواب الكافي، وهي من أخبار بني إسرائيل؛ لأن الحسن تابعي، وليس يرويها عن النبي ﷺ ثم مرسلاته لا يحتج بها، وأخبار بني إسرائيل كما في الحديث لا تصدق، ولا تكذب كما قال -عليه الصلاة والسلام-: حدثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج وأخبارهم كما قال العلماء على أقسام ثلاثة:

قسم علم من شرعنا صحته؛ فيصدق، وقسم علم من شرعنا تكذيبه؛ فيكذب، وقسم لم يعرف في الشرع لا هذا ولا هذا؛ فيكون موقوفًا يخبر به ويحدث به ولا حرج، لما فيه من العظات والذكرى، وهذا الدعاء كله طيب، والله -جل وعلا- هو القائل سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل:62] فهو سبحانه يجيب دعوة المضطر إذا شاء سبحانه كما وعد بذلك، فهذا إنسان مضطر على تقدير صحة الحكاية، إنسان مضطر، فأجاب الله دعوته، وهو دعا بدعوات عظيمة: يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، أسألك بعز وجهك الكريم، وبملكك الذي لا يرام، وبنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص، ثم قال: يا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني، فهو دعا، دعوات طيبة، ليس فيها محذور.

فإذا دعا بها الإنسان مضطرًا، أو غير مضطر، فليس فيها شيء، وإذا صلى ودعا فالصلاة قربة عظيمة، الله يقول: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45] وكان النبي ﷺ إذا حزبه أمر؛ فزع إلى الصلاة، فإذا كرب إنسان بظالم، أو بشيء؛ شق عليه، وفزع إلى الله، ودعا، واستغاث به، أو صلى، ودعا كل ذلك طيب، كله مشروع، سواءً دعا بهذا الدعاء، أو بغير هذا الدعاء، بأي دعاء طيب، كأن يقول: اللهم خلصني من كذا، اللهم أنجني من كذا، اللهم فرج كربتي من كذا، اللهم أعطني كذا، اللهم يسر لي كذا.. الدعوات الطيبة كثيرة، وإذا دعا بنفس هذا الدعاء؛ فلا بأس بذلك كله طيب، لكن ليس محفوظًا عن النبي ﷺ إنما هو مما يروى من الأخبار التي لا تعرف صحتها، لكن معناها صحيح. نعم. 

المقدم: طيب، جزاكم الله خيرًا. 

فتاوى ذات صلة