حكم رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة

السؤال:

هذا السائل يقول في هذا السؤال: هل رفع اليدين بالدعاء بعد الصلوات المكتوبة، أو النوافل جائز، أم لا؟ وإذا كان متى يجوز ذلك، مأجورين؟

الجواب:

رفع الأيدي في الدعاء مستحب، من أسباب الإجابة، لقول النبي ﷺ: إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرًا يعني: خاليتين، فيستحب رفع اليدين في الدعاء إذا دعا ربه في بيته، في السفر، في أي مكان، يرفع يديه، ويدعو، يجتهد في الدعاء، ويلح في الدعاء، هذا من أسباب الإجابة.

ومن هذا الحديث قوله ﷺ: إن الله تعالى طيب، ولا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ [البقرة:172] وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون:51] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام؛ فأنى يستجاب له! يعني: بعيد أن يستجاب له، ولو مد يديه، ولو ألح بالدعاء مع تعاطيه الحرام، وتلبسه بالحرام في مأكله ومشربه، ونحو ذلك.

يبين النبي ﷺ أن رفع اليدين من أسباب الإجابة، وهكذا الإلحاح في الدعاء من أسباب الإجابة، لكن قد يوجد مانع وهو الأكل الحرام، فالذي يتعاطى أكل الحرام هذا من أسباب حرمان الإجابة، وهكذا الغفلة عن الله، والإعراض عن الله، وكثرة المعاصي من أسباب حرمان الإجابة.

ولكن لا يرفع في المواضع التي ما رفع فيها النبي ﷺ المواضع التي لم يرفع فيها النبي ﷺ لا نرفع فيها؛ لأنه ﷺ يتأسى به في الفعل والترك، فهو الأسوة، كما قال الله -جل وعلا-: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21] فكما أننا نتأسى به في الفعل؛ نتأسى به في الترك، رفع يديه لما استسقى في المنبر يوم الجمعة لما سأل الله الغيث رفع يديه في خطبة الجمعة على المنبر، نرفع يدينا إذا استغثنا، نطلب الغيث، نطلب المطر، يرفع يديه الإمام والمأمومون، يرفعون أيديهم يدعون الله، ويؤمنون على دعاء الإمام، هكذا إذا دعا بينه وبين نفسه.. في بيته.. في آخر الليل.. في الضحى.. في أي وقت يدعو، ويرفع يديه، أو بعد صلاة النافلة إذا صلى بعض الأحيان؛ دعا ربه بعد صلاة النافلة، الضحى، أو في الليل، أو في أي وقت، لكن في صلاة الفريضة لا نرفع يديه إذا سلم؛ لأن النبي ﷺ ما كان يرفع يديه في الفريضة، لم يحفظ عنه ﷺ أنه رفع يديه بعد الفرائض، فنحن لا نرفع، نتأسى به، عليه الصلاة والسلام.

وهكذا في خطبة الجمعة إذا دعا لا يرفع؛ لأن الرسول ﷺ ما كان يرفع في دعاء الجمعة إلا إذا استسقى خاصة، فإذا دعا في خطبة الجمعة، أو خطبة العيد لا يرفع؛ لأن النبي لم يرفع -عليه الصلاة والسلام- وإذا سلم من الفريضة؛ الفجر، أو الظهر، أو العصر، أو المغرب، والعشاء لا يرفع؛ لأن النبي ﷺ ما يرفع.

وهكذا بين السجدتين، دعاء بين السجدتين لا يرفع يديه، وهكذا في آخر الصلاة قبل أن يسلم لا يرفع يديه؛ لأن الرسول ﷺ لم يرفع في هذه المواضع، فلما ترك؛ نترك، تأسيًا به -عليه الصلاة والسلام- لكن لو جلس الإنسان في بيته الضحى، ثم دعا ورفع يديه في الليل، ورفع يديه في أي وقت، تذكر حاجة، ورفع يديه؛ فهذا لا بأس، لكن المواضع التي فعلها النبي ﷺ ولم يرفع فيها لا نرفع فيها، مثل ما سمعت، مثل بين السجدتين، الدعاء في آخر الصلاة قبل السلام، مثل الدعاء في خطبة الجمعة.. خطبة العيد، لا يرفع، لكن في دعاء الاستسقاء نرفع أيدينا، بعد صلاة الفريضة إذا سلم من الفريضة ودعا لا يرفع يديه، يدعو بينه وبين نفسه بعد الذكر، إذا دعا بعد الذكر بينه وبين نفسه، لا بأس، لكن لا يرفع يديه؛ لأن الرسول لم يرفع، عليه الصلاة والسلام.

والواجب على أهل الإيمان التأسي بالرسول ﷺ في أعماله، وأقواله، وفي فعله وتركه -عليه الصلاة والسلام- نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ. 

فتاوى ذات صلة