الجواب:
إتلاف المال بغير وجه شرعي هو محرم بلا شك، وليس فيه خلاف بين العلماء في هذا؛ بل هو محل إجماع أن إتلاف المال في غير أمر مباح في غير أمر شرعي لا يجوز لوجوه كثيرة، وأدلة كثيرة؛ لأن المال جعله الله، وخلقه الله لنفع الناس، ولتقضى به الحوائج، ويجاهد به في سبيل الله، ويواسى به الفقير، والمسكين، وتقام به المشاريع الخيرية، والمصالح العامة، فلا يجوز أن يضاع.
ومن ذلك قوله -جل وعلا-: وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا [الإسراء:26] قال العلماء: التبذير إضاعة المال، يعني صرفه في غير وجهه، كصرفه في المسكرات، وصرفه في الدخان، وصرفه في المعاصي، وطرحه في البحر، وما أشبه ذلك، هذا من التبذير.
وكذلك الإسراف، الله نهى عن الإسراف، وقال: وَلَا تُسْرِفُوا [الأنعام:141] فالإسراف: الزيادة على الحاجة، فإن كانت الزيادة عن الحاجة تمنع، فكيف بإضاعة المال أصلًا، ورأسًا! كذلك ما صح في الصحيحين عن النبي ﷺ من حديث المغيرة بن شعبة عن النبي ﷺ قال: إن الله يكره لكم، أو الله يسخط لكم: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال أخبر أن الله يسخط لنا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال.
والله يسخط هذا، وما سخطه الله؛ وجب علينا تركه في أدلة كثيرة غير هذا؛ لأن صرفه في الدخان، والمسكرات لا ريب أنه من التبذير، والحرام، ولا شك في ذلك، مع ما هو متقرر، ومعلوم من كون الدخان من الخبائث الضارة، والله سبحانه إنما أباح لنا الطيبات، حيث قال : يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قال الله لنبيه: قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4] ولا يقول عاقل، لا طبيب، ولا غير طبيب: إن الدخان من الطيبات، فعلم حينئذ بنص القرآن أنه ليس من المباحات.
وقال سبحانه في وصف النبي محمد ﷺ: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] فكل شيء ليس بطيب؛ فهو من قسم الخبائث، والله بعث نبيه ﷺ يحل الطيبات المآكل، والمشارب، والمراكب، والملابس، وغير ذلك، ويحرم الخبائث التي تضر العبد ضررًا عظيمًا، إما غالبًا، وإما محضًا، والدخان أضراره محضه، خبيثة، لا خير فيها، نسأل الله العافية.