حكم التعامل مع الجن لعلاج الناس

السؤال:

أخيرًا من أسئلة أختنا نعرض هذا السؤال تقول: سمعت خبرًا بأن هناك امرأة تتعامل مع الجن، وأخبرها الجن بأنها ستكون وسيطة خير بين الجن والإنس لتعالج الأمراض المستعصية في الإنس، والتي عجز عنها طب الإنس، والمرأة هي الوسيط، والجن يعطون الأدوية، ويعملون العمليات لبني الإنسان، ولكن الإنسان لا يراهم، ما رأي سماحتكم في مثل هذا؟

الجواب:

ليس لهذا أصل، ولا يعتمد عليه، فإن أخبار الجن، وأخبار العجائز، وأخبار من يخدم الجن لا يوثق بها، ولا يعتمد عليها، ولا يجوز أن يعتمد على قول عجوز أو شيخ أو شاب، أو غير ذلك ينقل عن الجن أشياء، بل يجب أن يحذر منهم، وأن لا يستخدمهم في شيء؛ لأنهم إذا استخدموه قد يجرونه إلى الشرك بالله ، إذا كانوا غير مؤمنين، وليس المؤمن منهم معروفًا معرفة يقينية، فقد يكون منافقًا، وقد يكون يدس السم في الدسم؛ لأنك لا تعرفهم ولا تخالطهم مخالطة جهرية، وتعرف أحوالهم وأحوال قرنائهم من الأخيار، حتى تعرف الثقة من غير الثقة.

فالحاصل: أنّ بيننا وبينهم جهلًا كبيرًا، وأخلاقًا متباينة، وصفات متباينة، لا نستطيع معها أن نتحقق ما هم عليه، ومن عرفنا منهم بما يظهره من الإيمان ندعو له بالتوفيق، وندعو له بالصلاح، ولكن لا نثق به، ولا نطمئن إليه في أن نأخذ منه طبًا، أو غير ذلك، أو نستشيره في شيء، أو ما أشبه ذلك، فإن هذا قد يفضي إلى دعوى علم الغيب، قد يبتلى الإنسان بذلك فيظن أن عنده شيئًا من علم الغيب بواسطة الجن، وقد يدعو إلى ذلك، فيكون ممن قال الله فيهم -جل وعلا-: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا[الجن:6].
فهو مع الجن على خطر، قد يستخدمونه في الشرك، قد يستخدمونه في البدع، قد يستخدمونه في المعاصي، فيضر نفسه، وهو لا يدري، ويضر غيره وهو لا يدري.

فلا تجوز المعاملة لهم في الطب ولا في غيره، بل من عرف منهم أحدًا أو اتصل به أحد يدعوه إلى الله يعلمه الخير، يدعوه إلى توحيد الله، وإلى طاعة الله، وينصحه أن يعلم من عنده خير طاعة الله ، ولا يطمئن إليه في شيء، ولا يطلب منه شيئًا للناس؛ لأنه قد ينقل شيئًا يضر الناس، وقد يعطيه شيئًا طيبًا ثم يغشه بعد ذلك.

فالحاصل: أنه على خطر؛ لأنك لا تعلم أحوالهم على اليقين، وهم يرونك ولا تراهم، وقد يخفون عنك أشياء كثيرة، وقد يدعون الإيمان وهم منافقون، وقد يتصلون بك لأغراض أخرى، حتى يأخذوها منك، ثم يفعلوا بك ما يريدون، فأنت على خطر، فالواجب الحذر منهم إلا من الدعوة إلى الله وتبصيرهم بالحق، ودعوتهم إليه، وإرشادهم إليه، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة