الجواب:
ليس للأب أن يوزع ماله على أولاده الذكور دون الإناث، أو يفضل الذكور على الإناث من غير التفضيل الشرعي، بل يجب عليه أن يعدل في قسمة ماله كقسمة التركة؛ لقول النبي ﷺ: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم فقد جاءه بشير بن سعد الأنصاري وذكر له أنه وهب ابنه النعمان غلامًا، فقال: أكل ولدك أعطيتهم مثل هذا؟ قال: لا، قال: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم وقال: لا تشهدني على هذا، فإني لا أشهد على جور وقال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فلا إذًا.
هذا يدل على أنه إذا حاف ولم يعدل جرهم إلى التقاطع، كما وقع في هذا السؤال، جرهم إلى التقاطع والتصارم والبغضاء بينهم، وهذا لا يجوز.
الواجب على الأب أن يتقي الله، وأن يعدل بينهم إذا قسم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11] كقسمة الميراث، هذا هو الأرجح، وقال بعض أهل العلم: إنه يسوي بينهم سواء سواء، الذكر والأنثى سواء، ولم يجعله كالميراث، ولكن الصواب أن القسمة الشرعية كالميراث؛ لأن الله -جل وعلا- قسم بينهم أموال آبائهم إذا ماتوا هكذا: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11].
فإذا قسم الرجل ماله بينهم على قسمة الله للذكر مثل حظ الأنثيين فلا حرج في ذلك، ولكن الأولى ألا يقسم بينهم، ويتمتع بماله حتى لا يحتاج إليهم بعد ذلك، يبقي ماله عنده، أو على الأقل يبقي شيئًا من ماله ينفعه، يتصدق منه، ينفقه في حاجاته؛ لأنه إذا قسمه بينهم قد يضطر إلى الحاجة إليهم، وقد لا يقوموا بالواجب، وقد ينفقون الأموال ويضيعونها، فنصيحتي لكل إنسان ألا يحرص على قسم أمواله بين أولاده، وألا يعجل، ولو ظن فيهم الخير، ولو ظن أنهم سوف يبرونه.
ينبغي له أن يحتاط فلا يعجل، بل يترك ذلك بعد وفاته على قسمة الله فيتصرف في ماله وينفق في وجوه البر، ويحسن إلى المسلمين والفقراء والمحاويج حتى لا يضطر إلى رحمتهم، والحاجة إليهم، لكن إذا أعطاهم بعض الشيء من ماله شيئًا لا يضره، أعطاهم بعض المال، وعدل بينهم، ولو أن البنات متزوجات يعدل بينهم لا بد، إذا أعطى الرجل ألفًا يعطي البنت خمسمائة، وإذا أعطى الرجل ألفين يعطي البنت ألفًا، وهكذا في عطيته يعدل بينهم؛ لقوله ﷺ: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم هذا هو الواجب، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.