الجواب:
لا شك أن والدك جزاه الله خيرًا، إنما فعل ما فعل وقال ما قال قصده الخير لك، ونفعك بحفظ كتاب الله العظيم، فهو مشكور على قصده وعلى نيته وعلى تشجيعه لك، ولكن ليس هذا بشرط من جهة النكاح، فنصيحتي للوالد أن يتسامح، وأن يتنازل عن هذا الشرط، وأن يزوجك؛ لما في الزواج من المصالح العظيمة، والخير الكثير لك وله، وقد قال النبي ﷺ: يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء.
فنصيحتي للوالد مرة أخرى أن يزوجك، وأن يتسامح عما حصل منك، وأن تستسمحه أيضًا وتستحله عما كتبت إليه من العقوق، قد أسأت فيما كتبت إليه، وما كان ينبغي لك ذلك؛ لأن والدك إنما قصده النصح، وما جرى بينه وبين زوجته ليس مما يعنيك أنت، بل عليك أن توسط بالخير، والكلام الطيب.
فالحاصل: أن عليك أن تستسمح والدك، وأن تسأله أن يعفو عنك، وأن تتوب إلى الله مما كتبت إليه من العقوق والكلام الرديء، وعلى والدك أن يقبل عليه جزاه الله خيرًا أن يسمح، وأن يصفح عما جرى منك بسبب شدة الغضب والرغبة في الزواج، وأنت عليك أن تستسمحه، وتطلب منه الرضا، والعفو عما جرى منك، وأسأل الله أن يهديه حتى يزوجك، وأن يهديك أيضًا، ويعينك على حفظ القرآن الكريم، وعلى تحصيل العلم النافع، والله -جل وعلا- يقول في كتابه العظيم: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].
فأوصيك بتقوى الله في جميع الأحوال، وأوصيك أيضًا بالحرص على رضا والدك وبره والسمع والطاعة له في المعروف، والحرص على حفظ كتاب الله، وهو -إن شاء الله- سوف يبادر وسوف يفعل وسوف يزوجك، وإن كنت لم تكمل حفظ القرآن.
وعليك أن تجيب الوالدة وتسافر، وتكفر عن يمينك؛ لأن حق الوالدة عظيم أيضًا وحقها أكبر من حق الأب، فنوصيك بالسفر إليها، والتكفير عن يمينك، بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، واستسماح والدك، والأخذ بخاطره.
ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يصلح حالك وقلبك، وأن يوفق والدك لتزويجك، وأن يعينك على حفظ كتابه وعلى القيام بحقه، وعلى الدعوة إليه على بصيرة.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا.
إذًا: كونه يترك الزواج من أجل التفرغ للدعوة إلى الله لا تنصحونه؟
الشيخ: لا، لا، ننصحه ألا يدع الزواج، بل يبادر، والزواج لا يمنعه، لا يمنعه من العلم والعلم لا يمنعه من الزواج، فعليه أن يتزوج، وأن يواصل الدراسة، وسوف يعينه الله -إن شاء الله-، نعم.
المقدم: إن شاء الله، جزاكم الله خيرًا.