ج: هذا من البدع التي لم يشرعها الله عند جمهور أهل العلم، وإنما المشروع التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، وتوحيده، ومحبته، والإيمان به، وبالأعمال الصالحات، كما قال سبحانه: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] ولم يقل سبحانه: فادعوه بجاه محمد، أو بجاه الأنبياء أو بجاه الأولياء، أو بحق بيته العتيق، أو نحو ذلك، وإنما قال سبحانه: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا أي بأسمائه هو وصفاته، ويدعى أيضًا بتوحيده كما جاءت الأحاديث بذلك، ومنها الحديث: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، ومن ذلك حديث أهل الغار الذين انطبقت عليهم صخرة لما أووا إلى الغار في ليل فيه مطر، فقد انطبقت عليهم صخرة، وسدت عليهم فم الغار، ولم يستطيعوا الخروج، فقالوا فيما بينهم: لا ينجينا من هذا إلا أن نتوسل إلى الله بأعمالنا الخالصة، فتوسلوا إلى الله، فتوسل أحدهم إلى الله ببره لوالديه، والثاني توسل بعفته عن الزنى، والثالث توسل بأدائه للأمانة، ففرج الله عنهم.
فعلم بذلك مما ذكرنا أن العبد إذا توسل إلى الله بأسمائه أو بتوحيده، أو بإيمانه به ومحبته له، أو بالإيمان بنبيه ﷺ ومحبته له، أو بأداء ما افترض الله عليه من طاعته، أو بترك ما حرم عليه، فهو توسل مشروع وصاحبه حري بالإجابة.
وأما معاشرة الفساق ومجالستهم فلا تجوز؛ لأنهم يجرون إلى فسقهم وضلالهم، لكن إذا خالطهم للدعوة إلى الله وإنكار ما هم عليه من الباطل، وتوجيههم للخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فهذا لا بأس به؛ لأن المسلم مأمور بذلك، أما من يتخذهم أصحابًا وخلانًا يجالسهم ويأكل معهم ويأنس بهم، فذلك لا يجوز[1].
- مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز: (4/ 26)