الجواب:
والسنة واحدة فأكثر، إذا أوتر بواحدة أو بثلاث أو بخمس أو أكثر من ذلك؛ فقد أصاب السنة، وكان النبي ﷺ في الغالب يوتر بإحدى عشرة ركعة يسلم من كل ثنتين -عليه الصلاة والسلام-، ويوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاث وربما أوتر بخمس وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بتسع -عليه الصلاة والسلام-، وربما أوتر بثلاث عشرة، وهذا أكثر ما نقل عنه -عليه الصلاة والسلام-، ولكنه أجاز للأمة أن يوتروا بأكثر من ذلك، فقال -عليه الصلاة والسلام-: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعً واحدة توتر له ما قد صلى فهذا يدل على أنه لا بأس بالإيتار بأكثر من ذلك: خمسًا، عشرًا، سبع عشر، تسعة عشر، إحدى وعشرين، ثلاث وعشرين، إلى غير ذلك.
ومن هذا ما فعله عمر والصحابة حين صلوا في رمضان ثلاثًا وعشرين ركعة، التراويح، هو من هذا الباب، ويشمله الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: صلاة الليل مثنى مثنى لما سئل عن صلاة الليل، قال: مثنى مثنى ولم يحدد عشر ركعات ولا عشرين، ولا أكثر، ولا أقل، بل أطلق، فدل ذلك على أن صلاة الليل موسعة في رمضان وفي غيره، من أوتر بإحدى عشرة أو بثلاث عشرة أو بأكثر من ذلك؛ فقد أصاب السنة.
والسنة له أن يجعل الركعة الأخيرة هي الآخر هي الختام لصلاته، وبها يحصل الإيتار، سواء في رمضان، أو في غير رمضان، وإذا اقتصر على ثلاث ركعات، أو خمس ركعات؛ لأن ذلك أسهل عليه، فكله حسن، ولو أوتر بواحدة فقط، فلا بأس بذلك.
أما الدعاء الذي ورد في هذا، فقد ثبت في الحديث الصحيح من حديث الحسن بن علي وعن أبيه أن النبي ﷺ علمه كلمات يقولها في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت زاد في رواية البيهقي: ولا يعز من عاديت.
أما ما يفعله بعض الناس من القنوت في الفجر، فهذا قاله بعض أهل العلم، وجاء فيه بعض الأحاديث الضعيفة، والصواب: أنه لا يستحب في الفجر؛ لما ثبت من حديث سعد بن طارق الأشجعي عن أبيه أنه سأله ولده سعد، قال: يا أبتي إنك صليت خلف رسول الله ﷺ، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني محدث هكذا أجاب: أي بني محدث يعني: القنوت في صلاة الفجر محدث، ليس من سنته ﷺ، ولا من سنة خلفائه الراشدين، فيتبين بهذا أن الأفضل تركه إلا في النوازل، إذا نزل بالمسلمين نازلة من حصر عدو لبعض المسلمين في بعض بلاد المسلمين، أو ما أشبه ذلك من النوازل، فيشرع القنوت في الفجر وغيره بالدعاء برفع البلاء، وهزم العدو، ونحو ذلك، كما فعله النبي ﷺ في أوقات كثيرة يدعو على بعض الأعداء، نعم.