الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فالقول للمرأة: أنت علي حرام، أو مثل أمي، أو مثل أختي.. أو نحو ذلك، هذا أمر لا يجوز، لأن الله -جل وعلا- حرم المظاهرة منها، وتشبيهها بالأم، أو بالأخت، وذكر سبحانه أنه منكر من القول، وزور، فلا يجوز للمسلم أن يقول لزوجته: أنت مثل أمي، أو أنت حرام علي كأمي، أو كأختي، أو كظهر أمي، كل هذا لا يجوز، والواجب عليه أن يحفظ لسانه عن مثل هذا، والله سبحانه قال: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا[المجادلة:3] الآية، فبيَّن -جل وعلا- أن المظاهر له أحكام، فيجب على المؤمن أن يتقيد بحكم الله -جل وعلا-، ولا يتساهل في الأحكام.
فإذا قال هذا الكلام، وأحب الرجوع إليها، والعود إليها؛ فإن عليه كفارة بينها ربنا في قوله : وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ[المجادلة:3-4] .
فالمؤمن يتقيد بحكم الله ورسوله، ولا يعجل، ولا يتساهل، وإذا حصل غضب أو مشاجرة؛ فالواجب عليه أن يتثبت في الأمور، ويتعوذ بالله من الشيطان، ولا يعجل في أمرٍ يضره، فإن الإقدام على ما حرم الله من جملة المعاصي التي تضر العبد، وتسبب غضب الله عليه ، والطلاق كذلك قد يفضي به إلى ما لا تحمد عقباه، فلا يعجل في الطلاق، بل ينبغي له التثبت في الأمور، وعدم العجلة، وأن يتعوذ بالله من الشيطان عند حدوث النزاع، والخصام.
وهذا الرجل الذي حرم زوجته يلزمه عتق رقبة، يعني: إما عبد، وإما أمة، فإذا لم يتيسر ذلك؛ فإنه يصوم شهرين متتابعين، قبل أن يتصل بها -قبل أن يجامعها- فإن عجز عن ذلك أطعم ستين مسكينًا، لا ستة، بل عليه أن يطعم ستين مسكينًا، كما أمر الله بهذا ، وإطعامهم؛ بكونه يعشيهم، أو يغديهم، أو يعطي كل واحد نصف صاع من قوت البلد من تمر، أو أرز، أو حنطة، أو ذرة، من قوت بلده، قبل أن يمسها، وهذا معنى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا[المجادلة:4] يعني: من قبل أن يتصل بها ويجامعها.
والسائل قد أخطأ في جماعه لها قبل أن يكمل الكفارة، فعليك -أيها السائل- أن تمتنع منها، وأن تكف عن جماعها؛ حتى تكفر الكفارة الواجبة، وإذا كنت لا تستطيع صيام شهرين متتابعين؛ فإنك تكمل الإطعام، أطعمت ستة، بقي عليك أربعة وخمسون، عليك أن تطعم أربعة وخمسين مسكينًا، مع الستة حتى يكون الجميع ستين مسكينًا، تعطي كل واحد نصف صاع، وهو كيلو ونصف تقريبًا من الحنطة، أو من التمر، أو من الأرز، أو من قوت بلدك، إن كان بلدك عندكم فيه الذرة، فمن الذرة، حتى تكمل الستين، ومقدار هذا بالوزن كيلو ونصف تقريبًا، فإذا كملت ذلك؛ جاز لك أن تأتيها، وعليك التوبة إلى الله مما فعلت، عليك التوبة إلى الله سبحانه من قربانك إياها، عليك التوبة إلى الله ، فإن قربانك إياها قبل الكفارة؛ معصية، فعليك أن تتوب إلى الله من ذلك، وعليك أن تكمل الكفارة بإطعام أربعة وخمسين مسكينًا، كل واحد يعطى نصف الصاع من التمر، أو غيره من قوت البلد، هذا إذا كنت لا تستطيع الصيام، وبعد هذا كله تحل لك زوجتك، وعليك التوبة إلى الله، والندم على ما فعلت، والاستغفار، كسائر الذنوب، نعم.
المقدم: لو أراد أن يطعمهم كما تفضلتم بأن يغديهم، أو يعشيهم فهل يجوز له أن يطعمهم على دفعات مثلًا؟
الشيخ: ما في بأس، لا حرج أن يفرقهم.
المقدم: ليس بلازم، ما هو بلازم أن يطعمهم دفعة واحدة؟
الشيخ: ما هو بلازم أن يجمعهم جميعًا لو غدى هؤلاء في وقت عشرة، وعشرين في وقت آخر، أو خمسة، أو ستة حتى يكملهم، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.