الجواب:
صلاة الجنازة مشروعة للجميع للرجال والنساء، وهي فرض كفاية، إذا قام بها واحد كفى وأجزأت، لكن السنة أن يصلي عليها الجم الغفير، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ما من مسلم يصلي عليه أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه وفي لفظ آخر يقول ﷺ: ما من رجل مسلم يصلي عليه أمة من الناس يبلغون المائة كلهم يشفعون فيه إلا شفعهم الله فيه أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-، فكلما زاد الجمع صار خيرًا له، يدعون له، ويترحمون عليه.
وصفتها أن الإمام يكبر أربع تكبيرات.
يقف عند رأس الرجل، وعند وسط المرأة، أما قول بعض الفقهاء: عند صدر الرجل، فهو قول ضعيف لا أساس له، وإنما السنة أن يقف عند رأس الرجل، وعند وسط المرأة، هذا ما جاءت به السنة في حديث سمرة بن جندب في الوقوف وسط المرأة، ومن حديث أنس في الوقوف عند رأس الرجل، وعجيزة المرأة.
فالسنة الثابتة عن رسول الله ﷺ تدل على أنه يقف الإمام عند رأس الرجل، وعند وسط المرأة، ثم يكبر يقول: الله أكبر، ثم يقرأ الفاتحة، يتعوذ بالله من الشيطان، ويسمي، ويقرأ الفاتحة.
وليس فيها استفتاح على الأرجح؛ لأنها مبنية على التخفيف.
المقدم: القراءة سرًا؟ نعم.
الشيخ: يقرأ التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسمي، ويقرأ سرًا الفاتحة، وإن جهر بعض الشيء حتى يعلم من ورائه أنه يقرأ، وحتى يستفيدوا بعض الأحيان يكون حسن، كما فعل ابن عباس للتعليم، ويقرأ سورة مع الفاتحة قصيرة لما جاء في الأحاديث الكثيرة عن النبي ﷺ أنه قال: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدًا يعني: فأكثر، فإذا قرأ سورة زيادة، وجاء في بعض الروايات أنه ﷺ قرأ بالفاتحة وسورة، فهذا أفضل، وإن اقتصر على الفاتحة كفى، وإذا قرأ معها بالعصر، ومثل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[الإخلاص:1] وأشباه ذلك، كان حسنًا حتى يجمع بين الفاتحة وزيادة.
ثم يكبر الثانية يقول: الله أكبر، ويصلي على النبي ﷺ مثلما يصلي في الصلاة: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والمقصود أنه يصلي على النبي ﷺ مثل ما يصلي في الصلاة.
ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت، ويأتي بالأذكار الشرعية، بالدعوات الشرعية: اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان.
اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، اللهم أدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار وسع له في قبره، ونور له فيه اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده، واغفر لنا وله.
وإن زاد دعوات مثل: اللهم إن كان محسنًا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئًا تجاوز عن سيئاته، أو قال: اللهم اغفر له وثبته بالقول الثابت، أو ما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة، كله حسن.
ثم يكبر الرابعة، ويسكت قليلًا؛ لأن هذا جاء في بعض الروايات عن النبي ﷺ وسلم، ثم يسلم تسليمة واحدة، هذا هو المحفوظ عن أصحاب النبي ﷺ على هذا الوجه.
الشريعة عامة للنساء والرجال في الصلاة؛ لكن الخروج مع الجنازة إلى المقبرة هذا خاص بالرجال، وهكذا زيارة القبور خاص بالرجال، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن له قيراطان قيل: يا رسول الله، ما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين وهذا يدل على فضل عظيم، وقال أيضًا -عليه الصلاة والسلام-: من تبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان معها حتى يصلى عليها، ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع بقيراطين، كل قيراط مثل جبل أحد وهذا فضل عظيم.
والخروج مع الجنائز فيه جبر للمصابين، وتعزية لهم، ومواساة لهم، فإنه إذا خرج معهم جبر قلوبهم، وعزاهم بعمله وقوله جميعًا، ولهذا شرع الله الصلاة على الموتى، واتباع الجنائز لهذه الفوائد الكثيرة، للإحسان إلى الميت والدعاء له، ولجبر المصابين ومواساتهم؛ ولتذكر الموت، وما يكون بعد الموت من العجائب والأهوال والأخطار، حتى يستعد المؤمن للموت وما بعده.
نسأل الله للجميع العافية والسلامة، نعم.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خير الجزاء، وأحسن إليكم.