ما صحة حديث: «من أحب أن يحلق حبيبه بحلقة من نار»؟

السؤال:

هذا سؤال من المستمع: علي عبده مشهور، من جيزان صامطة، يقول: كنت أقرأ في كتاب آداب الزفاف تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، فوجدت في هذا الكتاب حديثًا لا أعلم مدى صحته، وهو قول الرسول ﷺ: من أحب أن يحلق حبيبه بحلقة من نار، فليحلقه حلقة من ذهب، ومن أحب أن يطوق حبيبه طوقًا من نار، فليطوقه طوقًا من ذهب، ومن أحب أن يسور حبيبه سوارًا من نار فليطوقه طوقًا -وفي رواية: فليسوره سوارًا من ذهب، ولكن عليكم بالفضة، فالعبوا بها، العبوا بها، العبوا بها أخرجه أبو داود، وهذا سند جيد، فهل هذا الحديث صحيح؟ 

فإن كان كذلك فإن معناه: تحريم الذهب على النساء، فإن محمد ناصر الدين الألباني قد حرمه، أفيدونا عن ذلك جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

هذا الخبر في صحته نظر، وقد صححه جماعة، والصواب أنه شاذ، وليس بصحيح، ولو فرضنا صحته فهو منسوخ بإجماع أهل العلم، فإن أهل العلم أجمعوا على أن الذهب حل للنساء، محرم على الرجال، وهذا الخبر بين أمرين:
إما أن يكون شاذًا قد خالف الأحاديث الصحيحة، والشاذ حكمه حكم الأحاديث الضعيفة، ولو صح سنده فإنه متى خالف الأحاديث الصحيحة يكون شاذًا، حكمه حكم الأحاديث الضعيفة؛ لأن من شرط الصحيح ألا يكون شاذًا، وما شذ من الأحاديث بأن خالف الأحاديث الصحيحة التي هي أصح منه، فإن حكمه حكم الأحاديث الضعيفة، فيحكم عليه بأنه ضعيف، وهذا من هذا الباب.

ثم هو مع هذا منسوخ، لو صح سنده وسلم من الشذوذ فإنه منسوخ بإجماع أهل العلم، الدال على أن الذهب محلل للنساء، محرم على الرجال، وأن ما جاء فيه من النهي كان قبل ذلك ثم نسخ، وقد كتبنا في هذا مقالًا نشرناه قريبًا، وجوابًا أرسلناه إلى مجلة الدعوة وغيرها من النشر في بيان هذا الحكم، وأن الحديث هذا وأشباهه مما جاء في تحريم الذهب على النساء كلها على افتراض صحتها منسوخة، بالإجماع الذي حكاه أهل العلم، فإنه حكى الإمام الجصاص والبيهقي والنووي وجماعة بإجماع أهل العلم على حل الذهب للنساء،وعلى تحريمه للرجال.

وأما هذه الأخبار التي فيها ما يدل على تحريمه على النساء فهي أخبار إما شاذة، وإما منسوخة كما بيَّنا في الكلمة. 

وأخونا العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني وَهِمَ في هذا، غفر الله له، ورأى أن يكون المحلق محرمًا على النساء دون غير المحلق، وهذا ليس بصحيح. 

والصواب: أن جميع أنواع الذهب سواءً محلق أو غير محلق حل للنساء، وقد ثبت عنه ﷺ أنه أذن للنساء في لبس الأسورة، وفي لبس الخاتم من الذهب وهو محلق والأسوار محلقة.

المقصود: أن الصواب في هذا أن الحديث هذا بين أمرين: بين ضعفه لشذوذه، وبين نسخه لو فرضنا صحته بإجماع أهل العلم، وبالأحاديث الصحيحة الدالة على حله للنساء، وما ذكره أخونا الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني في آداب الزفاف من الجمع بين الأحاديث الواردة في هذا الباب، بحمل الأحاديث التي فيها النهي على المحلق، والأحاديث الدالة على الإباحة على غير المحلق ليس بصحيح، وقد بيَّنا ذلك في الكلمة التي كتبناها من باب النصيحة، وبيان الصواب في هذا الباب. 

وهو لا شك مجتهد -جزاه الله خيرًا، وبارك فيه-، ولكن كل واحد يخطئ ويصيب، وكل عالم له أغلاط وله أخطاء، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه صلاح النية والعمل، نعم.

المقدم: حفظكم الله وأثابكم.

فتاوى ذات صلة