الجواب:
أفضل الأوقات الثلث الأخير إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي ﷺ: من خاف ألا يقوم من آخر الليل؛ فليوتر أول الليل، ومن طمع أن يقوم آخر الليل؛ فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل رواه مسلم في الصحيح.
ولقوله ﷺ: ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول سبحانه: من يدعوني؛ فأستجيب له؟ من يسألني؛ فأعطيه؟ من يستغفرني؛ فأغفر له؟ حتى ينفجر الفجر متفق على صحته.
هذا الحديث العظيم يدل على أن التعبد في آخر الليل في الثلث الأخير أفضل لهذا الحديث العظيم، وينبغي له الإكثار من الدعاء، والسؤال، والتوبة إلى الله في هذا الوقت العظيم.
وإن صلى في وسط الليل فهو وقت أيضًا عظيم.... جوف الليل، وإن صلى في أول الليل كذلك بعد صلاة العشاء كله خير، ولاسيما إذا كان يخشى ألا يقوم؛ فالسنة أن يصلي قبل أن ينام، قد أوصى النبي ﷺ أبا هريرة، وأبا الدرداء بالإيتار قبل النوم، والسبب -والله أعلم- أنهما يدرسان الحديث، ويخشيان ألا يقوما في آخر الليل.
والخلاصة: أن من طمع أن يقوم آخر الليل؛ فهو أفضل، ومن خاف ألا يقوم من آخر الليل؛ فليوتر أول الليل، والحمد لله.
وأما قوله: ينزل ربنا فهذا وصف يليق بالله عند أهل السنة والجماعة، يثبتونه كما يليق بالله، نزول يليق بالله، لا يشابه خلقه في نزولهم، كما أنه لا يشابه خلقه في صفاته كلها، لا في الاستواء، ولا في الرحمة، ولا في الغضب، ولا في الرضا، ولا في غير ذلك من الصفات، فيجب إثبات صفات الله لله على الوجه اللائق بالله من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، هكذا قال أهل السنة والجماعة، كما نص على ذلك أهل العلم، كمالك بن أنس -رحمه الله- والشافعي، وأحمد، والثوري، وابن المبارك، والأوزاعي .. وغيرهم.
وقد جمع أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- أقوالهم في رسالة الحموية، وهو كتاب عظيم مفيد، فـأهل السنة والجماعة يثبتون جميع الصفات لله الواردة في القرآن، وفي السنة الصحيحة على الوجه اللائق بالله كالاستواء، والنزول، والغضب، والرضا، والرحمة، والسمع، والبصر، والكلام.. وغير ذلك؛ كلها يثبتونها لله سبحانه على الوجه اللائق بالله -جل وعلا- من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل كما قال الله سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4] وقال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] وقال سبحانه: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:74].
هذا هو الواجب على جميع المسلمين إثبات صفات الله، وأسمائه له سبحانه كما جاءت في القرآن، وكما جاءت في السنة الصحيحة، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، بل يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله مع الإيمان بحقائقها، وأنها حق، وأنها لا تشابه صفات المخلوقين، بل هي ثابتة لله على الوجه اللائق بالله من غير مشابهة لخلقه في شيء من صفاته -جل وعلا- هذا قول أهل الحق، هذا قول أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة المنصورة، وهم الفرقة الناجية.
أهل السنة والجماعة هم الطائفة المنصورة، وهم الفرقة الناجية، وهم أهل الحق، فالواجب السير على منهجهم، والاستقامة على طريقهم، وهو طاعة الله ورسوله، والإخلاص لله في العمل، واتباع الشريعة، وعدم البدعة، هكذا درج أهل السنة من أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان بتوحيد الله، والإخلاص له، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، والاستقامة على دين الله، وإثبات صفات الله وأسمائه على الوجه اللائق بالله هكذا درج أهل السنة والجماعة: وهم أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان، وهم الفرقة الناجية المذكورة في قوله ﷺ: افترقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة هذه الواحدة هم أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة المنصورة التي قال فيها النبي ﷺ: لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله.
والعلماء هم رأس هذه الطائفة، العلماء وأهل الحديث هم رأس هذه الطائفة، وهم أئمة هذه الطائفة، وعلى رأسهم أصحاب النبي ﷺ هم خير هذه الأمة، ثم العلماء من أهل السنة والجماعة بعدهم، وأهل الحديث هم أئمة هذه الطائفة، هم من رؤسائهم وقادتهم، ولهذا قال بعض السلف: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم؟
المعنى أن أهل الحديث هم خلاصتهم، وهم أئمتهم، وهكذا العلماء علماء الحق كلهم من أهل السنة والجماعة، وكلهم من الطائفة المنصورة، وهكذا عامتهم يدخلون في الطائفة المنصورة، العامة من الرجال والنساء الذين درجوا على هذا المنهج، وساروا على طريق أهل السنة والجماعة في الاستقامة على الحق، والإيمان بأسماء الله، وصفاته على الوجه اللائق بالله، وتمسكوا بشرعه، هؤلاء كلهم أهل السنة والجماعة، وكلهم يدعون الفرقة الناجية، وكلهم يقال لهم: الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم -أيها المستمعون- من أهل السنة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم، نسأل الله أن يجعلنا وجميع إخواننا المستمعين من أهل السنة والجماعة، نسأل الله أن يثبتنا على الحق، وأن يعيذنا من مضلات الفتن، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم.