أهمية العقيدة والدعوة إليها

السؤال:

كثيرًا ما يركز المشايخ في دعواهم إلى الله على جانب العقيدة، ومعلوم أن ذلك له أهميته الكبرى، ومكانته العظيمة، إذ أن تأسيس العقيدة هو الركيزة الكبرى للإسلام، ولكن نرجو توجيه العناية بالأخلاق الاجتماعية، ومحاربة الرذائل في بناء العقيدة، فلماذا نرى غالبًا العلماء يهملون هذا كثيرًا؟ 

الجواب:

على كل حال، المعروف عند العلماء أنهم يعتنون بهذا وهذا، العقيدة مثل ما ذكرت أيها السائل هي: الركيزة، وهي الأساس، ولهذا أغلب أهل العلم في بلدان العالم لا يهتمون بالعقيدة ضد ما قلت، فيتكلمون في الأخلاق، وفي أشياء أخرى في الصلاة، في الزكاة في الأوقات، في الصلاة، في أشياء أخرى، والعقيدة مهملة حتى عبدت بينهم القبور من دون الله، وحتى وقع الشرك بالله بينهم، وهم لا يشعرون.

وربما وقع ذات العالم في الشرك بالله؛ لأنه عاش على الشرك مع أبيه، ومع عمه، ومع شيخه، فعاشوا على الشرك لأسباب عدم خوضهم في العقيدة، وعدم عنايتهم بالعقيدة، تجده يدرس، ويعبد غير الله، تجده في المسجد يدرس، ثم يدعو البدوي، ويدعو الحسين، ويدعو عبدالقادر؛ لأنه عاش على هذا هو وأبوه، وجده وأصحابه، هذه من نتائج إهمال العقيدة، وعدم العناية بالعقيدة. 

وتجده جهبذًا بصيرًا بأحكام الصلاة، في أحكام الأوقات، في أحكام الإجارة، في الزكاة، في وصايا، في أشياء أخرى؛ لأنه درسها، واعتنى بها، أما العقيدة فلا يعتني بها ولا يعرف ...

وإن كان جيدًا فهو يعتني بعقيدة المتكلمين، وما يخوض فيه المتكلمون من جهة الكلام، والعقائد التي ساقها أهل الكلام من الأشعرية، والجهمية، والمعتزلة، وغفل عن العقيدة السلفية التي درج عليها أصحاب الرسول ﷺ ودرج عليها سلفنا الصالح في إثبات الأسماء والصفات، ومن الإيمان بالله، وتوحيد العبادة، وعدم الشرك بالله والعناية بهذا الأمر.

فالحاصل أنه يجب وجوبًا عظيمًا وجوبًا مؤكدًا أن يعتنى بالعقيدة، وليعتني العلماء في إيضاحها للناس من عامة، وخاصة، وأن تكون الدروس غالبًا تعتني بها مع العناية بالأخلاق، والأحكام الأخرى، لا يهمل هذا، ولا هذا، ولكن تكون العناية الكبرى بالعقيدة.

وكان الشيخ محمد -رحمه الله- في رسائله يقول لبعض خصومه الذين يكتب إليهم، ويخاصمون في العقيدة، يقول: إني أريد منكم أن تدرسوا العقيدة كما تدرسوا كتاب الأوقاف، يعني كما أنكم تعتنوا بالأوقاف -أوقاف الناس- فأرجو منكم أن تدرسوا العقيدة باب حكم المرتد مثل عنايتكم بكتاب الأوقاف. 

فلو أنهم درسوا باب حكم المرتد في كتب الفقه التي ألفها العلماء في كل مذهب، لو درسوا باب حكم المرتد، واعتنوا به لظهر لهم ما هم فيه من الباطل، والشرك، ولكنهم يغفلون عن ذاك الباب؛ لأن السؤال ما يجدون السؤال فيه، ولا عناية به، وتجدهم مشغولين بالأوقاف، وأولياء الأوقاف، كيف ينفذ الوقف؟ كيف تصرف غلة الوقف؟ كيف يفعل بالإجارة؟ كيف يؤجر؟ كيف يفعل بمال اليتيم؟

فاشتغلوا بهذه، وضيعوا العقيدة لعدم عنايتهم بها، ولعدم سؤال العامة عنها؛ فلهذا جمدت، وغفل عنها، وصار الناس في غاية من الشرك بالله، وعبادة القبور، والأولياء، بسبب هذه الغفلة تجد البدوي، وغير البدوي، وفلانًا، وفلانًا، في مصر، والشام، والعراق، وفي كل مكان تجده معبودًا مع الله، والعلماء المعممون يدعون إلى ذلك، ويفعلون ذلك مع العامة. 

قد لبسوا هذا الأمر، وضيعوه لعدم عنايتهم به، حتى وقعت العامة في الشرك بأسبابهم، وصاروا يعكفون على القبور، ويدعونها مع الله، وبها يستغيثون، ويسألونها قضاء الحاجات، وشفاء المرض، والنصر على الأعداء، هكذا وقع بين الناس، ومن استنكر هذا، وسافر إلى بلاد أخرى؛ فليمر على قبر البدوي، والحسين، وفلان، وفلان، يجد الناس حوله عاكفين، هذا يقول: يا سيدي فلان المدد، اشف مريضي، انصرني على عدوي، افعل بي، افعل بي، حتى آل بهم الأمر، حتى يسألوهم الأولاد، يسألونهم أن تحمل نساءهم أولادًا، وأن يعطوا كذا، ويعطوا كذا، نسأل الله العافية، نسوا الله فنسيهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فتاوى ذات صلة