الجواب:
إذا كان ظاهره الشرك، والغلو في الأموات، ودعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات لا، لا يدعى له، ولكن إذا كان ظاهره الإسلام، ولا تعلم عنه إلا الإسلام؛ فلا بأس تدعو له، وتستغفر لأخيك، هذا مشروع، المؤمن يدعو لإخوانه، ويستغفر لهم، كما قال أتباع المهاجرين والأنصار بإحسان: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ [الحشر:10]، فأنت تستغفر لإخوانك، تدعو لهم بالرحمة إذا كان ظاهره الإسلام.
أما من كان ظاهره الشرك -وهو الغلو في القبور ودعاء الأموات والاستغاثة بالأموات- فهذا لا يدعى له؛ لأن دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، وطلب الحوائج منهم هذا من الشرك الأكبر، هذا دين المشركين، نسأل الله العافية.
وهكذا دعاء الجن .. دعاء الأصنام .. دعاء الكواكب، كل هذا من الشرك الأكبر، يقول الله -جل وعلا-: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113].
ولما مات أبو طالب على دين قومه قال النبي ﷺ: لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك فأنزل الله في ذلك هذه الآية: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113] من مات على الشرك فهو من أصحاب الجحيم.
فالمقصود: أن من كان معروفًا بدعاء الأموات، والاستغاثة بأهل القبور أو بالأصنام أو بالجن أو بالكواكب، أو بالملائكة، أو بالأنبياء، هذا كله شرك أكبر داخل في قوله -جل وعلا-: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] وداخل في قوله سبحانه: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] وداخل في قوله سبحانه: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72] وفي قوله سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] وقال سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:66]، وقال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] وقال -جل وعلا-: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ[فاطر:13].
القطمير: اللفافة التي على النواة وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:14] هذا يعم الجميع، يعم الغائبين، ويعم الموتى من الأنبياء، وغيرهم إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا [فاطر:14] ولو قدرنا أنهم سمعوا لم يستجيبوا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:14] يعني: ينكرون ويتبرؤون إلى الله يقول سبحانه: تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ [القصص:63] نعم، نسأل الله العافية.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ.