الجواب:
قد ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصلي في نعليه، وصلى مرة فيهما، فجاءه جبرائيل فأخبره أن بهما قذرًا؛ فخلعهما، وجعلهما عن يساره، واستمر في صلاته -عليه الصلاة والسلام- فلما سلم قال للناس؛ لأن الناس لما رأوه خلع خلعوا، فلما سلم قال: ما بالكم خلعتم نعالكم؟ قالوا: يا رسول الله، رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: إن جبرائيل أتاني فأخبرني بأن فيهما قذرًا، فلهذا خلعتهما، فإذا أتى أحدكم المسجد فلينظر، فإن رأى في نعله أذى؛ فليمسحه، ثم ليصل فيهما فهذا هو الدليل، وما جاء في معناه على شرعية الصلاة في النعلين، وأنهما يصلى فيهما إذا كانتا نظيفتين.
فالواجب على المؤمن إذا أراد دخول المسجد وعليه النعلان أن ينظر فيهما، ويتأكد من سلامتهما من الأذى، فإذا كانتا سليمتين من الأذى فلا بأس أن يصلى فيهما، بل يشرع الصلاة فيهما كما صلى فيهما النبي ﷺ.
وكان المسجد في عهده ﷺ من الرمل والحصى، وليس مفروشًا، أما الآن بعدما فرشت المساجد، وصارت بها الفرش التي تتأثر بالنعال، وما يكون فيها من التراب، وربما قذر ذلك على المصلين، ونفرهم من الصلاة فيها؛ فالأولى فيما نعتقد أن يخلعهما، ويجعلهما في مكان حتى يصلي، حتى لا يتأثر بذلك المصلون، وحتى لا تتأثر الفرش التي في المساجد، وهذا من باب ترك المستحب خوفًا مما هو أشد من ذلك، الصلاة فيهما مستحبة في أرجح القولين إذا كانتا نظيفتين، لكن قد يترتب على الصلاة فيهما مع الفرش ما هو أشد من ذلك، وما هو أخطر من ذلك؛ وهو تقذير الفرش، وتنفير المصلين، لا سيما وأكثر الناس لا يبالي بالنعلين ولا يتفقدهما، ولا يعتني بهما، فأكثر الناس عامة، لا يعتنون بهذا الأمر، فإذا رأوا زيدًا وعمرًا دخل بنعليه، دخلوا ولم يبالو؛ فأفضى هذا إلى شر كثير، والقاعدة: سد الذرائع، قاعدة الشرع المطهر: سد الذرائع.
فالذي نوصي به، ونراه هو عدم الصلاة فيهما في المساجد التي فيها الفرش؛ لأنها قد تتقذر بذلك، ولأن أكثر الناس لا يبالي بنعليه، ولا ينتبه لما فيهما من الأذى، فلهذا قد يسبب مشاكل كثيرة، وتقذيرًا للفرش، وتنفيرًا للمصلين من الصلاة في الجماعة، وهذا أمر لا يحبه الله ولا يرضاه من المؤمن، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.