الجواب:
هذا الحديث صحيح ثابت في صحيح مسلم عن النبي ﷺ: أنه جاءه رجل فسأله -وليس في الحديث أنه يهودي، وإنما سأله إنسان، والظاهر أنه من المسلمين الذين آباؤهم ماتوا في الجاهلية، أو بعد الدعوة، ولكنه لم يسلم- فسأله قال: أين أبي؟ فقال: إن أباك في النار فلما رأى ما في وجهه من التغير، قال: إن أبي وأباك في النار .
يخبره أن الأمر ليس خاصًا بأبيك، بل كل من مات على الجاهلية فهو من أهل النار؛ لأنه مات على الكفر بالله إلا من ثبت أنه من أهل الفترة، ولم تبلغه رسالة ولا دعوة، فهذا أمره إلى الله، لكن حكمه في الدنيا حكم الكفار -حكم الجاهلية-: لا يغسل، ولا يصلى عليه، حكم الجاهلية، لكن إذا كان في نفس الأمر لم تبلغه دعوة، ولا رسالة فهذا له حكم أهل الفترات: يمتحنون يوم القيامة على الصحيح، فمن أطاع دخل الجنة ومن عصى دخل النار.
فالحاصل: أنه حديث صحيح، لكن ليس فيه أن السائل يهودي فيما أعلم إنما هو من نفس المسلمين الذين مات آباؤهم في الجاهلية، أو بعد ظهور الإسلام، لكنه لم يسلم، فقال له النبي ﷺ: «إن أباك في النار» -ثم بين له بقوله:- إن أبي وأباك في النار لأن والد النبي ﷺ مات في الجاهلية، والنبي ﷺ حمل لم يولد بعد ذلك، وقيل: إنه قد ولد، ولكنه صغير جدًا، والمشهور أنه مات والنبي ﷺ حمل، ثم ماتت أمه وهو صغير -عليه الصلاة والسلام- ابن خمس سنين، أو ست سنين.
فالحاصل: أن أباه مات في الجاهلية، وهكذا أمه ماتت في الجاهلية؛ ولهذا قال في حق أبيه: إن أبي وأباك في النار.
والسبب في ذلك -والله أعلم- أنه قد بلغته الدعوة لدين إبراهيم، فلهذا حكم عليه بالنار، وأما الأم فقد ثبت عنه ﷺ أنه استأذن ربه ليستغفر لها، فلم يأذن له في استغفاره لها، فهذا يدل على أن من مات في الجاهلية لا يستغفر له، وله حكم أهل الجاهلية، لا يستغفر له، وهو متوعدون بالنار إلا من ثبت أنه من أهل الفترة، من كان الله يعلم أنه من أهل الفترة لم تبلغه رسالة، ولا دعوة، ولا علم، فهذا على الصحيح يمتحن يوم القيامة، فإن أجاب إلى ما أمر به دخل الجنة وإن عصى دخل النار، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.