ج: نعم إن الله خلق الخلق لعبادته، أي ليعبدوه وحده لا شريك له، ليعبدوه وحده بأن يطيعوا أوامره وينتهوا عن نواهيه، ويكثروا من ذكره، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]، وعبادته هي توحيده سبحانه بدعائه وبخوفه ورجائه والصلاة والصيام وغير ذلك وطاعة أوامره واجتناب نواهيه، ووعدهم في الدنيا الخير الكثير والعاقبة الحميدة، ووعدهم في الآخرة بالجنة والكرامة، قال تعالى: فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود: 49].
وقال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة: 155 - 157] وقوله ﷺ: ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر.
فالصابر له العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، أو له العاقبة الحميدة في الآخرة إذا صبر على تقوى الله سبحانه وطاعته وصبر على ما ابتلي به من شظف العيش والفاقة أو الفقر والمرض وتسديد بعض العازات، والصبر عاقبته حميدة، قال تعالى في حق بعض المؤمنين وعدوهم: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران: 120] الصبر له عواقب حميدة إذا صبر على طاعة الله وعلى مصائب الدنيا، وإذا استقام على أمر الله فإن له النعيم في الآخرة فالصابر مرتاح الضمير والقلب، جاهد نفسه بالله وصبر على ما ابتلي به من الفقر والأعمال الشاقة، وفي الآخرة في دار النعيم مع الإيمان والتقوى. والله أعلم[1].
- مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (6/ 470).