الجواب:
الإسبال من المحرمات ومن المنكرات وهو نزول الملابس عن الكعبين يقال له: إسبال، كالبشت والقميص والإزار والسراويل كل هذا لا يجوز أن ينزل عن الكعبين للحديث الذي ذكرت وهو قول النبي ﷺ: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار وإذا كان عن تكبر وعن خيلاء صار أشد في الإثم وأعظم، وقال عليه الصلاة والسلام: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب رواه مسلم في صحيحه.
فالواجب التحفظ من ذلك، وأن تكون الملابس حدها الكعب لا تنزل، وأن تحذر من الكبر والخيلاء أيضًا في جميع أحوالك وفي ملابسك.
أما الحديث الذي ذكرته في عدم قبول الصلاة فهو حديث فيه ضعف، وإن صححه النووي أو حسنه فهو حديث ضعيف؛ لأن في إسناده مدلسًا وقد عنعن وفي إسناده من هو مجهول.
فالحاصل أن الوعيد بعدم قبول الصلاة لو صح فهو دليل على شدة التحريم، وأنه ينبغي للمؤمن أن يحذر الإسبال وهو من باب الوعيد، والوعيد قد يعفو الله عن صاحبه، وقد ينفذ عليه وعيده، فالمسلم المصلي على خطر إذا خالف الأوامر ووقع في النواهي، فالواجب عليه أن لا يرتكب المحظور وأن لا يترك المأمور.
وقد روي عنه ﷺ: أنه أمر المسبل أن يتوضأ، أن يعيد الوضوء، ولكن لم يأمره أن يعيد الصلاة، وهذا لو صح لكان من باب التحذير ومن باب الترهيب وفيه العلة التي سمعت.
فالصواب أن صلاته صحيحة، وأنه أخطأ في إسباله، ولكن لا تلزمه الإعادة إنما هو صحيح مثل بقية المعاصي، لو صلى وفي ثوبه درهم من حرام، أو في ثوب مغصوب أو في أرض مغصوبة، فالصواب أن صلاته صحيحة؛ لأن الإثم يتعلق بالغصب لا بالصلاة فهو أمر منهي عنه مطلقًا في الصلاة وخارجها، فإذا صلى في ثوب مغصوب أو أرض مغصوبة، أو ثوب فيه درهم حرام صحت الصلاة مع الإثم فهو آثم لأجل تعاطيه ما حرم الله عليه من الغصب والكسب الحرام ولكن الصلاة صحيحة؛ لأن هذا لا يتعلق بالصلاة يتعلق بموضوع تعاطيه ما حرم الله عليه من الغصب والكسب الحرام.
وهكذا لو صلى في ثوب فيه نجاسة ناسيًا، ناسيًا لها أو جاهلًا بها حتى فرغ من صلاته صحت صلاته، كما ثبت في حديث أبي سعيد عند أحمد وأبي داود بإسناد صحيح: «أنه صلى عليه الصلاة والسلام ذات يوم ثم خلع نعليه وهو في الصلاة، فخلع الناس نعالهم، فلما سلم سألهم عن ذلك، فقالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: إن جبرائيل أتاني فأخبرني أن بهما قذرًا فخلعتهما، فإذا أتى أحدكم المسجد فلينظر في نعليه، -أو قال: فليقلب نعليه- فإن رأى فيهما قذرًا فليمسحه ثم يصلي فيهما.
ولم يعد الصلاة عليه الصلاة والسلام، ولم يستأنفها بل استمر فيها، فدل ذلك على أن من وجد في ثوبه شيئًا ولم يعلم إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة، وإن علم في أثنائها وخلعه فصلاته صحيحة كما خلع النبي ﷺ نعليه.
فالمؤمن يتحفظ ويحرص على أن يكون سليم الثياب من النجاسة سليم البقعة، سليم البدن، ولكن متى نسي شيئًا من النجاسة حتى فرغ من صلاته أو جهل ذلك فصلاته صحيحة، بخلاف الحدث، لو صلى محدثًا فإنه يعيد، لو صلى يحسب أنه على وضوء ثم تبين أنه على غير وضوء فإنه تلزمه الإعادة.
وهكذا لو صلى جُنب يحسب أنه مغتسل ثم بان له أنه لم يغتسل أعاد؛ لأن الطهارة لابد منها شرط في الصلاة، الطهارة من الأحداث شرط في الصلاة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ وقال عليه الصلاة والسلام: لا تقبل صلاة بغير طهور بخلاف النجاسة في الثوب والبدن والبقعة فإنها أسهل إذا نسيها أو جهلها مثل الحديث الذي عرفت حديث أبي سعيد في قصة نعلي النبي ﷺ وما حصل فيهما من القذر، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.