والمقصود من هذا أنه لا يكفي تصحيحه ولا تحسينه بل لا بد من مراجعة الأسانيد وكلام أهل العلم في ذلك حتى يكون الطالب على بينة، وهكذا رواية أبي داود والنسائي وابن ماجه والدارمي والإمام أحمد رحمهم الله جميعًا، كل هؤلاء يروون الضعيف والصحيح، فإذا سكت أبو داود أو النسائي أو ابن ماجه أو الدارمي أو غيرهم ممن لم يلتزم الصحة فيما يرويه فراجع الأسانيد وتأملها إن كان عندك دراية ومعرفة، وإلا راجع كلام أهل العلم كالحافظ في التلخيص، ونصب الراية للزيلعي، وفتح الباري وغيرهم، ولا تتعجل في التصحيح ولا التضعيف حتى يكون عندك أهلية؛ لأن هذه أمور خطيرة بخلاف الصحيحين فأحاديثهما متلقاة بالقبول عند أهل العلم، وقد صرح أبو داود رحمه الله أنه إذا سكت عن شيء فهو صالح للاحتجاج به عنده. يقول عنه رحمه الله الحافظ العراقي في ألفيته ما نصه:
وما به وهنٌ شديد قلته | وحيث لا فصالحٌ خرّجته |
يعني الذي فيه وهن شديد يبينه، والذي يسكت عنه صالح، ولكن ليس على إطلاقه، فقد يكون ضعيفًا عند غيره، وإنه صالح عنده كما أوضح ذلك أهل العلم كالحافظ ابن حجر وغيره[2].
- أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، برقم 6380، وأبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم 1336، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم 3434.
- مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (25/ 66).