ج: هذا كله لا يجوز؛ لأن الكهنة يستخدمون الشياطين حتى في عهد الجاهلية، والكاهن له صاحب من الجن يأتيه ويخبره أن في المكان الفلاني كذا، وفي المكان الفلاني حصل كذا، وفي الشام مات فلان إلى غير ذلك.
فهكذا تتناقل الشياطين الأخبار فيظن الجاهل أن هذا الكاهن أو الرمال يعلم الغيب، وإنما هي الشياطين تنقل له بعض الأخبار فيتظاهر للناس أن عنده معلومات عن الغيب، وقد يستخدم بعض الشياطين الآخرين الذين لهم قوة من ملوك الشياطين ورؤسائهم، فيأتون بهذا الشيطان الذي تلبس في المريض أو في المجنون، فإذا أرضاهم هذا الإنسي بعبادتهم من دون الله أو نذر لهم وذبح لهم من دون الله إذا أرضاهم بذلك، قد يحضرون الشيطان الذي تحت إمرتهم فيقولون: إما أن تفعل كذا وكذا وإلا قتلناك، وإلا سجناك، وإلا فعلنا بك كذا وكذا، فيدع عمله القبيح من أجل طاعته لسادته من الشياطين والرؤساء فيحصل نفع للإنسان بهذه الطرق الخبيثة الشركية الضارة، وليس هذا بعذر، ولا يجوز إتيان هؤلاء الكهنة والعرافين أبدا، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم؛ لأن النبي ﷺ زجر عن ذلك.
ولو قدر له أنه انتفع به بعض الناس عن طريق الشرك فليس بعذر، فعباد الجن قد ينتفعون بالجن لكن ضررهم أعظم، فقد يأتيهم الجني بأشياء أو بدراهم يسرقها، فهذا ليس بعذر في عبادة الجن واتخاذهم آلهة مع الله -نسأل الله العافية - وكان أهل الجاهلية تكلمهم الأصنام: تأتي الشياطين في جوف الأصنام فيكلمون الناس الذين يعبدونها من دون الله، ويقولون: جرى كذا وكذا، فيغرونهم بالشرك[1].
- مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (8/ 147).