حكم الإسبال وحكم وضوء وصلاة المُسْبِل

السؤال:
عن أبي هريرة قال: بينما رجلٌ يُصلي أسبل إزاره، قال له ﷺ: اذهب فتوضأ، ثم جاء، فقال: اذهب فتوضأ، فقال له رجلٌ: يا رسول الله، أمرته أن يتوضأ ثم سكتَّ عنه! قال: إنه كان يُصلي وهو مُسْبِلٌ إزاره، وإن الله لا يقبل صلاةَ رجلٍ مُسبلٍ رواه أبو داود بإسنادٍ صحيحٍ على شرط مسلم، وهذا الحديث في "رياض الصالحين" فما حكمكم على هذا الحديث من ناحية السَّند والمتن؟ أجيبونا أثابكم الله.

الجواب:
هذا الحديث مثلما ذكر السائلُ في "رياض الصالحين"، قد حكم عليه النووي بأنه صحيح، ولكن ليس كما قال النووي، بل في إسناده ضعفٌ وجهالةٌ وتدليسٌ.
ولكن معناه صحيح، فإن الإسبال محرَّمٌ، ولا يجوز، يجب على المسلم أن يبتعد عن الإسبال، لا في الصلاة، ولا في غيرها.
والإسبال هو: إرخاء الثياب تحت الكعبين من الرِّجْل، إرخاء الثياب –الملابس: سراويل أو إزار أو بشت أو قميص- حتى تنزل عن الكعبين، هذا يُسمَّى: إسبال، وقد نهى النبيُّ عن هذا، وتوعَّد عليه عليه الصلاة والسلام وقال: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار.
وفي هذا الحديث أنه قال: ارجع فتوضأ ولم يأمره بإعادة الصلاة، فدلَّ على أن صلاته صحيحة، لو صحَّ الحديثُ فهو لم يأمره بالإعادة، ولكن توعَّده، ونفي القبول لا يلزم منه نفي صحَّة الصلاة؛ لأنه لم يأمره بالإعادة، فقد تُقبل الصلاةُ وتُجزئ، ولكن يفوته ثوابها، هذا لو صحَّ معناه التَّشديد في الإسبال، وأنه من أسباب عدم قبول الصلاة، كما قال في الحديث الآخر: مَن أتى عرَّافًا فسأله عن شيءٍ لم تُقبل له صلاة أربعين ليلةً، ومع ذلك أهلُ العلم لا يأمرونه بالإعادة، يعني: يفوته ثوابها بسبب سؤاله العرَّافين الذين يدَّعون علوم الغيب.
فالحاصل: أن الإسبال محرَّمٌ، ولا يجوز تعاطيه من الرَّجُل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ثلاثٌ لا يُكلمهم الله، ولا يُزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذابٌ أليمٌ: المسبل إزاره، والمنان بما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب، فالواجب الحذر من الإسبال، والتناصح في ذلك.
وأما قول بعض الفقهاء أنه يحرم إذا كان للخيلاء فقط، فليس بصحيحٍ، بل هو حرامٌ مطلقًا، ولكن إذا كان مع الخيلاء صار أشدَّ إثمًا، كما قال عليه الصلاة والسلام: مَن جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، إذا جرَّه من التَّكبر صار أعظم في الإثم، وإذا تساهل في إسبال الثياب ولم يقصد التَّكبر صار آثمًا، ولكنَّ إثمه دون مَن كان يجرُّها تكبُّرًا.
والغالب أنَّ مَن جرَّها إنما يجرُّها تكبرًا وخيلاء وتعاظمًا، هذا هو الغالب، وقد يجرُّها عن تساهلٍ وكسلٍ، فلا يكون عليه إثمٌ من جرِّها تكبرًا، ولكنه آثمٌ بتساهله.
أما مَن غلبه ذلك وهو يعتني، ويرفع إزاره ويعتني، لكن قد يرتخي من غير قصدٍ، فهذا لا يضرُّه ذلك، كما قال الصديقُ للنبي ﷺ: إنه يتفلَّت عليَّ، إلا أني أتعاهده، قال: لستَ ممن يجرُّه خيلاء.
فالمسلم يُلاحظه ويعتني به، فإذا فاته فوات..... بأن انفتق إزاره... أو حصل شيءٌ من الخلل، ثم تلافاه في الحال واعتنى؛ فلا شيء عليه، أما إنسانٌ يتعمد إسبال ثيابه ويقول: ما قصدتُ الخيلاء! هذا غلطٌ، القلوب إلى الله، الله الذي يعلم ما في القلوب، وإنما علينا الإنكار عليك فيما فعلتَ من الإسبال، أما قلبك فإلى الله .
فتاوى ذات صلة