حكم اختلاط المرأة بالرجال في بعض الأعمال

السؤال: 

يرى بعضُ الناس جواز عمل المرأة مع الرجل، كما يحدث في المُستشفيات مثلًا، ويستدلّون على ذلك بأن من الصَّحابيات مَن شارك في تضميد الجرحى في الغزوات، فما رأي الشرع في ذلك؟

الجواب:

الشرع في هذا معلومٌ، وأن الواجب أن يكون عملُ النساء في ميدان النساء، وأن يكون عمل الرجال في ميدان الرجال، وأن يحذر المؤمنون والمؤمنات من الاختلاط الذي يُسبب الفساد، وانتشار الفواحش، وحصول أنواع المنكرات؛ لأنَّ الله جلَّ وعلا أوجب على المؤمن البُعد عن أسباب الشرِّ، وعلى المؤمنة البُعد عن أسباب الشرِّ، ولا ريب أن الاختلاط من أسباب الشرِّ، ولا ريب أن عمل هذا في ميدانه وهذا في ميدانه من أسباب السلامة، ولهذا قال سبحانه: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33]، فنهى عن التَّبرج، وهو إبداء المحاسن؛ لما فيه من الفساد والخطر، وأمر بلزوم البيوت إلا من حاجةٍ؛ لما فيه من أسباب السلامة والبُعد عن الخطر.
وقال جلَّ وعلا: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ۝ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور:30- 31]، وقال سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، وإذا اجتمع الصِّنفان عَسُر الحجاب، وعَسُر غضّ البصر، وجاء التَّبرج، وزال لزوم البيت، فكلٌّ له ميدان، فالواجب على كل صنفٍ أن يلزم ميدانه، وأن يكون في ميدانه؛ ليتم نفعه، ويتم جهاده.
وأما عمل النِّساء في عهده ﷺ في بعض الغزوات: فهذا لدعاء الحاجة إلى ذلك؛ لقلة المسلمين، وكثرة الحاجة إلى مَن يُساعد على علاج المرضى، وإيصال الحاجات إليهم: من طعامٍ ودواءٍ وغير ذلك، فإذا دعت الحاجةُ إلى ذلك مع التَّحجب ومع العفَّة والبُعد عن أسباب الفتنة جاز ذلك.
فإذا وُجد مرضٌ أو عِلَّةٌ من العلل لم يُوجد لها طبيبٌ، أو تعسر وجود الطبيب؛ لاشتغال الطبيب بأمورٍ أخرى، ودعت الحاجةُ إلى أن تراه الطبيبة، وأن تُعالجه الطبيبة؛ فلا بأس، مع الحشمة التي فعلها المؤمنات، وابتعدوا بها عن أسباب الفتنة.
ولا يجوز أن يُقاس هؤلاء على أولئك، هؤلاء الخطر منهم عظيم؛ لقلة الصيانة، وقلة التحفظ، وقلة الحجاب، وضعف الدين، وأولئك قد توفرت فيهم الأسباب الطيبة، والخصال الحميدة: من الحجاب والدين والأمانة والبُعد عن أسباب الخطر، فلا يستوي هؤلاء وهؤلاء، والضَّرورات لها أحكامها، ونحن في حاجةٍ إلى أطباء للرجال، وإلى طبيبات لنسائنا، فيجب أن يكون هؤلاء لهؤلاء، وهؤلاء لهؤلاء، والضَّرورات التي لا حيلةَ فيها لها أحكامُها.
فتاوى ذات صلة