معنى قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}

السؤال: 

كيف نُوفق بين قول الله تعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67]، وما ورد أنَّ النبي ﷺ مات من أثر السّم الذي وضعته له امرأةٌ يهوديةٌ؟ وما المقصود بعصمة الله تعالى له عليه الصلاة والسلام من الناس؟

الجواب:

كلمة مجملة: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ مجملة، قد عصمه سبحانه حتى بلَّغ الرسالة؛ لأن قبلها: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ، فالمعنى: بلِّغ، والله يعصمك؛ حتى لا تضل في بلاغك. 
وهو ﷺ معصومٌ فيما بلَّغه عن الله بإجماع المسلمين، وليس معصومًا أنه لا يُصيبه مرضٌ، كل الأنبياء يمرضون، وليس معصومًا ما يتعدَّى عليه أحدٌ، قد أُوذي في أحدٍ، وجُرح في أحدٍ عليه الصلاة والسلام، وكُسرت البيضة على رأسه، وآذاه المشركون في مكة، لكن يعصمه حتى يُبلِّغ رسالة ربِّه، حتى لا يكتم منها شيئًا، حتى لا يُمنع من ذلك، وقد بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، وعصمه الله حتى بلَّغ الرسالة. 
وليس معنى يَعْصِمُكَ: لا يُؤذيك أحدٌ، ولا يتعدَّى عليك أحدٌ، ولا تمرض، لا، العصمة معناها ما بيَّنتها الآيةُ الكريمة؛ لأنها بعد قوله: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، فقد بلَّغ الرسالة، وعصمه من الناس، فلم يُقتل ولم يمت حتى بلَّغ الرسالة عليه الصلاة والسلام، وإن تعدَّى عليه الناسُ في مكة، وإن تعدّوا عليه في أُحدٍ، وإن تعدّوا عليه في غير ذلك، لكن الله عصمه حتى بلَّغ، وقد مرض ومات مريضًا عليه الصلاة والسلام، وقد آذاه المشركون، لم يُعصم منهم، وقد آذوه يوم أحد، وآذوه في مواضع كثيرة عليه الصلاة والسلام، وآذوا الرسل.
فتاوى ذات صلة