الجواب:
ذكر أن هذا أحب الأعمال، فأخذ بطلانها قبل وقتها أو بعد وقتها من أدلة أخرى؛ لأن الواجب أن تُؤدى العبادة على وجهها الذي شرعه الله، فتقديمها على وقتها أداء لها على الوجه الذي لم يشرعه الله، وهكذا إذا أخّرها عمدًا بطلت على الأصح من قولي أهل العلم، كأنه لا صلاة له في الحقيقة، وكفر بذلك إذا تعمد ذلك.
لهذا قال عليه الصلاة والسلام: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، ما هو بمعنى تركها دائمًا دائمًا حتى ولو ترك وقتين أو ثلاثة، وهكذا قوله ﷺ: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة رواه مسلم، هذا يعمها تركها بالكلية ويعم تركها فروضًا أخرى متعمدًا، فإذا تاب تاب الله عليه.
لكن إن تركها عن نسيان عن نوم عن شبهة في بعض المرضى، لم يتعمد تركها بقصد المخالفة، ولكن بعض الناس يظن أن تركها حتى يطيب حتى يشفى أنه أولى حتى يصليها صلاة كاملة، وهذا من الجهل، فهذا لا يكفر؛ لأنه متأول، ولكن يُنبّه أن الواجب أن يفعلها ولو في المرض، إذا عجز أن يصلي قائمًا صلى قاعدًا، وإذا عجز أن يصلي قاعدًا يصلي على جنبه، وإذا عجز عن جنبه يصلي مستلقيًا.
أما التأخير فلا يجوز؛ لكنه لا يكفر لأجل التأويل؛ لأنه ما أخرها تساهلًا بها، إنما أخرها بزعمه ليصليها على وجه أكمل، فغلط في هذا، وهكذا من أخرها عن نوم يعني معذور، أو عن نسيان معذور، فيأمر بها أيضًا، ولهذا في الحديث الصحيح: من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك.
بخلاف المتعمد المتلاعب فهذا له شأن آخر، فالجمهور من المتأخرين على أنه كفر دون كفر، وأنه قد أتى كبيرة عظيمة، ومعصية عظيمة، لكن لا يخرج من الإسلام، والقول الثاني وهو الصواب أنه يخرج من الإسلام إذا تعمد ذلك، تعمد بغير شبهة، إن تعمد ذلك تساهلًا متهاونًا.
أما لو جحد وجوبها، وقال إنها لا تجب ومثله يعلم الحكم؛ يقام عليه الدليل إذا كان في جاهلية بعيدة عن الإسلام، فإذا أصر كفر عند الجميع، عند جميع أهل العلم، ولو صلى، ولو كان يصلي مع الناس، إذا جحد وجوبها كفر إجماعًا، نسأل الله العافية.