الجواب:
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فالمسجد بيت الله، أعد لعبادته وطاعته من الصلاة، وغيرها، فلا يجوز لأحد أن يتحجر ما خلف الإمام، ولا ما عن يمينه، ولا ما عن شماله، فهو لمن سبق، الصف الأول لمن سبق، ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام-: لو يعلم الناس ما في النداء، والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه؛ لاستهموا يعني لاقترعوا للمسابقة إليه، والحرص على أن يتقدموا.
فحجزه أمر لا يجوز، وغصب للمكان، ولا حق لمن غصبه، فالسابق أولى منه، وأحق منه في المكث فيه، والتقدم إليه، والواجب التنبيه على هؤلاء، وأن يعلموا أن هذا لا يجوز، وأن حجز الصف الأول، أو وسط الصف الأول لمن يأتي بعد ذلك لا يجوز.
والواجب أن تزال هذه الأشياء، وألا تبقى في مكانها، بل يكون الصف لمن سبق، وكنا نعلم هذا من قديم، كان أهل الحل، والعقد، والآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر يلاحظون هذا، ويزيلون ما يضعه الناس في الصف الأول حتى يتقدم الناس بأنفسهم، لا بالخرق، ولا بغير الخرق، ولا بالسجادات، ولكن يتقدمون بأنفسهم إلى الصف الأول، فهو لمن سبق بنفسه لا لمن سبق بالسجادة، أو النعلين، أو غير هذا لا، هذا هو الحق، هذا هو الصواب، فالسابق أولى بالمكان.
نعم إذا كان الإنسان تقدم في الصف الأول، ثم عرض له عارض، فقام يتوضأ فهو أحق بمكانه، حتى ولو ما جعل فيه شيئًا، هو أحق بمكانه أن يرجع إليه إذا عرض له عارض، فقام يتوضأ، أو لغير ذلك من العوارض التي تعرض، وجاء للإقامة في المسجد، والجلوس، والانتظار، فهذا ينبغي أن يعرف، ويعرفه جيرانه، ويقولون لمن جاء هذا المكان: له صاحب، قام لعارض، وهو أحق به، أما إنسان يتقدم بالسجادة، أو غيرها، ويبقى في بيته، أو يبقى في دكانه، هذا غلط، هذا لا يجوز.
وأهل الجنازة إذا كان لهم في مكان في الصف الأول يدخلون في الصف الأول، أو في الثاني، وإذا كان ما لهم مكان يصفون خلف الإمام، لا معه، الإمام لا يكون معه أحد، يكونون خلفه، ولو كان صفًا قاصرًا، يكونون خلف الإمام، والجنائز يتسامح في صفوفها، ولهذا قال بعض الصحابة: إنه لا بأس أن تكون الصفوف ثلاثة، ولو كانت غير تامة.
فالمقصود: أنه إذا تيسر أن يكونوا في الصف أن يدخلوا في الصف؛ كان الأولى، والأفضل، سواء كان في الصف الأول، أو من ورائه الصف الثاني، أو الثالث إذا تيسر لهم مكان، إذا صفوا خلف الإمام صفًا، ولو كان غير كثير لا بأس.