الجواب:
هذا شيء لا أصل له، وليس من شروط النكاح، ولكن له أصل من جهة أن الناس أنواع، وأبيات، وقبائل، وأصناف، فكل قبيلة ترغب في أن يكون من قبيلتها إذا تيسر ذلك، وربما صاحوا بمن يزوج بنته من غير قبيلتهم، وربما أنكروا عليه، وربما تساهلوا في ذلك، وإلا فالأمر في هذا سواء، يقول -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى [الحجرات:13] يعني من آدم وحواء وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا [الحجرات:13] ما قال لتفاخروا، قال لتعارفوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] فإذا تيسرت التقوى فهذا هو الأساس العظيم، فاظفر بذات الدين تربت يداك.
المقصود: أن الناس في هذا سواسية، فالعربي، والمولى، والأعجمي لا بأس بتزاوجهم فيما بينهم، ويزوج بعضهم بعضًا، فينكح العربي الأعجمية، والمولى العتيقة، ولا بأس بذلك، ولا حرج في ذلك إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]، وقد زوَّج النبي ﷺ أسامة بن زيد، وهو مولى عتيق، وأبوه عتيق وهو زيد، زوجهما جميعًا من قريش، وزوج زيدًا زينب، وهي أسدية، وأمها من بني هاشم، وزوج أسامة فاطمة بنت قيس، وهي قرشية، وهذا يدل على أن الأمر في هذا واسع، وكذلك زوَّج عبدالرحمن بن عوف من بلال[1]ا، وهو حبشي، وهي زهرية، قرشية.
المقصود: أن هذه الأمور فيها سعة بحمد الله، وليس فيها ما يوجب الامتناع، ولكن الجهل، والتكبر من بعض الناس، والأنفة القبلية من بعض الناس، وخوف بعض الناس من بعض الناس قد يحمل على أشياء من هذا النمط.
فإذا تمكن العلم من الناس، وتمكن الدين من الناس؛ زالت هذه الأمور، واستقر الأمر الشرعي، ولكن بسبب الجهل تقع أمور كثيرة من هذا، وأكثر، وأن خضيري، وقبيلي ما له أصل، وأصله الأصل القديم أن يقال: قبلي، ومولى، أو أعجمي، أما خضيري هذه شيء جديد، حدث من جديد، لا نعلم متى حدث، وإنما المعروف قبلي، هذا من قبائل العرب، عجمي من الأعجام، مولى يعني عتيق، فهؤلاء الناس من حزب هذه الأصول المعروفة، ولا بأس أن يتزوج من هؤلاء، لا بأس أن ينكح العربي الأعجمية، والأعجمي العربية، والعربي المولاة، والمولاة العربي، كل هذا لا بأس به في الإسلام، ولا حرج فيه إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13].
- أي: أن النبي ﷺ زوَّج (أختَ) عبدالرحمن بن عوف بلالًا، رضي الله عنهم.