الجواب:
هذا لا تعلق للبدعة فيه؛ لأن عمر إنما أراد بقوله: (نعمت البدعة) يعني من حيث اللغة؛ لأن البدعة من حيث اللغة ما عمل على غير مثال سابق، ما عمله الناس على غير مثال سابق؛ يسمى بدعة في اللغة، وليس مراده أن هذا بدعة في الدين، لو كان في بدعة في الدين ما فعله، هو أبعد الناس عن البدع -رضي الله عنه وارضاه-.
وإنما أراد أنه فعله على غير الطريقة التي كان عليها رسول الله ﷺ فإنه كان رسول الله ﷺ يصلي في بيته، وخاف على الناس من الصلاة في المسجد أن تفرض عليهم، صلى بهم النبي ﷺ عدة ليال، ثلاث ليال، ثم تأخر، وقال: إني خشيت أن تفرض عليكم فدل ذلك على أنه إنما تركها؛ خوف الفريضة عليه، فلما توفي النبي ﷺ أمن الناس من الفريضة؛ لأن التشريع انقطع، الوحي انقطع، ما بقي تشريع، فلهذا فعلها عمر وأمر أُبَيّ أن يصلي بالناس، رضي الله عنهم وأرضاهم جميعًا.
فليست بدعة، وإنما هي سنة سنها الرسول ﷺ وفعلها، وفعلها الصحابة في وقته، كانوا يصلون في وقت النبي ﷺ أوزاعًا، كان الرجل وحده يصلي، الرجل بالرجلين، وبالثلاثة أوزاعًا، يعني جماعات في المسجد، فجمعهم عمر على إمام واحد، فهي سنة، وليست بدعة، وإنما أراد من حيث اللغة، سماها بدعة من حيث اللغة ..
وأما كونه صلى ثلاثًا وعشرين، فقد ثبت عنه هذا، وهذا، ثبت عنه: صلى إحدى عشرة، وثبت عنه: أنه صلى ثلاثًا وعشرين، والسبب في ذلك أن الإحدى عشر كانوا يطولون فيها، ثم رأى التخفيف بعض الشيء، وأن تكون ثلاثًا وعشرين، وكله سنة، هذا سنة، وهذا سنة، لأن الرسول ﷺ قال: صلاة الليل مثنى مثنى ولم يحدد إحدى عشرة، ولا ثلاث عشرة، ولا أكثر من ذلك قال: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح؛ صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى ولم يقل: فإذا زاد على إحدى عشرة؛ فليقف، أو ثلاث عشرة، قال: فإذا خشي الصبح؛ صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى.
فصلاة الليل موسع فيها، ولهذا كان بعض السلف يصلي أربعين، وبعضهم يصلي أكثر من ذلك، فصلاة الليل فيها سعة، فعمر لما علم هذا؛ عمر خففها من ثلاث وعشرين إلى إحدى عشرة؛ حتى يتمكن الناس من أدائها بنشاط، من غير تعب، فمن صلاها إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، أو ثلاثًا وعشرين، أو أكثر من ذلك؛ فلا حرج، لكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة.
هذا الأفضل كونه يوافق فعل النبي ﷺ هذا هو الأفضل، ولكن ليس بمخالفة ذلك بدعة، ولا إنكار؛ لأن المشروع في صلاة الليل أمر واسع -بحمد الله- وفي النهار كذلك.