ما هي أوقات النهي عن الصلاة وما حكم أعراف القبائل

تبيين الوقت المنهي عنه عن الصلاة، مع بيان الوقت، يعني: الجائز فيه أداء الصلاة، ما بين فيه هذا الأخ‏، ثم يقول: إن بعض القبائل يقومون بالأحكام والأعراف الموجودة لديهم؟

هما سؤالان: السؤال الأول يتعلق بوقت الصلاة: أوقات الصلاة معروفة، وأوقات النَّهي معروفة، أما أوقات الصلوات الخمس فمعروفة: الظهر من الزوال إلى أن يصير ظلُّ كل شيءٍ مثله، بعد فيء الزوال، وبعد هذا يدخل وقتُ العصر إلى أن تصفرَّ الشمسُ، ويستمر إلى غروبها، فإذا غابت دخل وقتُ المغرب إلى أن يغيب الشَّفقُ، فإذا غاب الشَّفقُ -وهو الحُمْرة التي في جهة المغرب- إذا غاب دخل وقتُ العشاء إلى نصف الليل، والفجر بطلوع الفجر إلى طلوع الشمس، الفجر من طلوع الفجر الصَّادق إلى طلوع الشمس، هذا هو الوقت، هذه أوقات الصلوات الخمس.
أما أوقات النَّهي فهي: من طلوع الفجر إلى أن ترتفع الشمسُ قيد رمح، ومن وقوف الشمس عند الزوال إلى أن تزول، وبعد صلاة العصر إلى أن تضيف للغروب، وعند تضيفها للغروب وإقبالها على الغروب إلى أن تغرب، هذه يُقال لها: أوقات النَّهي، ويجوز أن يُصلَّى فيها ذوات الأسباب، ذوات الأسباب يجوز الصلاة فيها: كصلاة الطواف -إذا طاف بعد العصر أو بعد الصبح- أو دخل المسجد يُصلي تحية المسجد ركعتين، وهكذا لو كسفت الشمسُ بعد العصر أو عند الفجر يُصلي صلاة الكسوف.
كذلك الأحكام العرفية: لا يجوز للقبائل تحكيم سوالف الآباء والأجداد، سواء سُمّي: بعدال، أو سُمّي: توفيقًا، أو سُمّي: إصلاحًا، أو سُمّي بأسماء أخرى، ليس لهم أن يتحاكموا إلى العُرف والقوانين السالفة التي درج عليها أسلافُهم، بل عليهم أن يحكموا شريعة الله في عباده من طريق المحاكم الشرعية، ومن طريق أهل العلم بالشريعة، إذا أصلحوا بينهم وعلَّموهم، أما أن يرجعوا إلى قوانين آبائهم وأسلافهم ويُلزمون بها الناس؛ فهذا لا يجوز، فليس لهم أن يُلزموا أحدًا بأي قانونٍ درج عليه آباؤهم وأسلافهم، أو أحدثوه هم، ليس لهم أن يُلزموا أحدًا بذلك.
أما لو أصلحوا بينهم إصلاحًا بأن تضارب اثنان أو حصل بينهم شحناء فأصلحوا بينهم بشيءٍ برضاهم؛ فالصلح جائزٌ بين المسلمين بالرضا، جاء إليهم جماعةٌ من خواصِّ إخوانهم وأصلحوا بينهم، قالوا: يا فلان، ويا فلان، أنتم جرى بينكم كذا أو كذا، ونحن إخوانكم جئنا للإصلاح بينكم، نرجو منكم التَّسامح. وإذا أعطوا المظلوم شيئًا وقالوا: على تدفع لفلان مئة ريـال، ألف ريـال عن تعدِّيك عليه، وتسمح بذلك، والآخر يسمح فلا بأس بذلك.
المقصود أن الصلح بينهم بما يُقرّه الشرع وبما يرضاه الشرع عمَّا جرى من النزاع فلا بأس بذلك، أما إلزامهم بقانونٍ يُحدثونه، أو بقانونٍ لآبائهم؛ فلا يجوز، عرفت، الكلام واحد، عوائد البادية... ما تحصى، القاعدة: لا يجوز التَّحاكم إليها مطلقًا، لا بأيمانٍ، ولا بغير أيمانٍ، ليس لأحدٍ التحاكم إلى غير الله، يقول الله جلَّ وعلا في كتابه العزيز: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ يعني: الرسول ﷺ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65]، ويقول سبحانه: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ [المائدة:49]، ويقول : أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]، ويقول سبحانه: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة:45]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة:47]، فما أبقت هذه الآيات شيئًا.
لكن الصلح الذي يتراضون عليه، وهو لا يُخالف الشرع، إذا تراضوا قالوا: ما نحن ذاهبين إلى المحكمة، ولا متخاصمين، نُعطيك يا فلان عن هذه الشَّجة هذه الناقة، أو ألف ريـال، أو ألفين ريـال، وتسمح، طلبوا منه السَّماحة وسمح، أو نُعطيك عن هذه السُّبَّة كذا وكذا من المال وترضى، أو ما أشبه ذلك فيما لا يُخالف الشرع، وهو يرضى به الخصم، ويقطع النزاع؛ لا بأس بهذا؛ لأن الرسول ﷺ قال: الصلح جائزٌ بين المسلمين، إلا صلحًا حرَّم حلالًا، أو أحلَّ حرامًا، فإذا كان صلحًا ليس فيه إحلالُ حرامٍ ولا تحريم حلالٍ فهذا حلالٌ.

فتاوى ذات صلة