ج: لا ريب أن الصلاة هي عمود الإسلام وهي أعظم الواجبات والفرائض بعد الشهادتين.
وقد دل على ذلك آيات كثيرات وأحاديث صحيحة عن رسول الله ﷺ، فمن ذلك قوله جل وعلا: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] وقوله سبحانه: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43].
وقوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] وقوله سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] إلى أن قال تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:9-11] وقال جل وعلا: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ [البينة:5] فجعلها سبحانه قرينة التوحيد. وقال عز وجل: فَإِنْ تَابُوا يعني: من الشرك، وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة:5] فدل ذلك على عظمتها وأنها قرينة التوحيد. وقال تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11].
وقال عليه الصلاة والسلام: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله[1] متفق على صحته.
ومن أهم واجباتها وأعظمها أداؤها في جماعة في حق الرجل حتى إن الرب سبحانه أوجبها في حال الخوف، فقال تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ الآية [النساء:102].
فأوجب سبحانه صلاة الجماعة في حال الخوف، وحال مصافة المسلمين لعدوهم بأن يصلوا جماعة ويحملوا السلاح لئلا يحمل عليهم العدو.
وقال عليه الصلاة والسلام: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر وأتاه ﷺ رجل أعمى فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد يلائمني للمسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له ﷺ هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب خرجه مسلم في الصحيح.
فهذا رجل أعمى لم يأذن له الرسول عليه الصلاة والسلام في التخلف عن الجماعة. وفي اللفظ الآخر: لا أجد لك رخصة فصرح أنه ليس له رخصة وهو أعمى ليس له قائد يلائمه - يعني يحافظ على الذهاب به - فإن كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يقوده إلى المسجد ليس له رخصة، بل يتعين عليه أن يصلي في المسجد فكيف بحال القوي المعافى، فالأمر في حقه أعظم وأكبر، ثم التخلف عن صلاة الجماعة من أعظم الوسائل للتهاون بها وتركها بعد ذلك فإنه اليوم يتخلف، وغدا يترك ويضيع الوقت؛ لأن قلة اهتمامه بها جعلته يتخلف عنها في الجماعة والمساجد التي هي بيوت الله، والتي قال الله فيها سبحانه: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ الآية [النور:36]، وهي المساجد، وهذا أمر معلوم، فإن الذين يتخلفون عن الجماعة يسهل عليهم ترك الصلاة بأدنى عذر وبأقل سبب، ثم بعد ذلك يتركونها بالكلية لقلة وقعها في صدورهم ولقلة عظمتها في قلوبهم فيتركونها بعد ذلك.
فترك الصلاة في جماعة وسيلة وذريعة معلومة لتركها بالكلية، وقد قال ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر[2] خرجه الإمام أحمد في المسند وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.
وخرج مسلم في الصحيح عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة[3] وهذا يدل على أنه كفر أكبر لأنه أتى به معرفا، وقال آخرون من أهل العلم: إنه كفر دون كفر إذا لم يجحد وجوبها، لكن الصحيح الذي قامت عليه الأدلة أنه كفر أكبر وهو ظاهر إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
وقد حكى عبدالله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن أصحاب النبي ﷺ أنهم كانوا لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة، ومراده كفر أكبر؛ لأن هناك أشياء عملها كفر لكن ليس بكفر أكبر، مثل: الطعن في الأنساب، والنياحة على الأموات سماها النبي ﷺ كفرا، والصحابة كذلك، لكنه كفر أصغر، فلما أخبر عنهم أنهم كانوا لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة، علم أنه أراد بذلك الكفر الأكبر كما جاء في الحديث.
وأما كون هذه المعصية تسبب محق البركة، وتسبب أيضا شرا كبيرا عليه في بدنه وتصرفاته فهذا لا يستغرب، فإن المعاصي لها شؤم كبير، ولها عواقب وخيمة في نفس الإنسان وفي قلبه وفي تصرفاته وفي رزقه فلا يستغرب هذا، وقد دلت الأدلة على أن المعاصي لها عواقب وخيمة.
وقد قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه[4] ومعلوم أن المعاصي تسبب الجدب في الأرض، ومنع المطر، وحصول الشدة، وهذا كله بأسباب المعاصي، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30] وقال عز وجل: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79].
وهذا أمر معلوم بالنصوص وبالواقع فجدير بالمؤمن أن يحذر مغبة المعاصي وشرها ويتباعد عنها، وأن يحرص على أداء ما أوجب الله عليه، وعلى المسارعة إلى الطاعات، فهي خير في الدنيا والآخرة، والمعاصي شر في الدنيا والآخرة. رزق الله الجميع العافية والسلامة[5].
وقد دل على ذلك آيات كثيرات وأحاديث صحيحة عن رسول الله ﷺ، فمن ذلك قوله جل وعلا: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] وقوله سبحانه: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43].
وقوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] وقوله سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] إلى أن قال تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:9-11] وقال جل وعلا: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ [البينة:5] فجعلها سبحانه قرينة التوحيد. وقال عز وجل: فَإِنْ تَابُوا يعني: من الشرك، وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة:5] فدل ذلك على عظمتها وأنها قرينة التوحيد. وقال تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11].
وقال عليه الصلاة والسلام: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله[1] متفق على صحته.
ومن أهم واجباتها وأعظمها أداؤها في جماعة في حق الرجل حتى إن الرب سبحانه أوجبها في حال الخوف، فقال تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ الآية [النساء:102].
فأوجب سبحانه صلاة الجماعة في حال الخوف، وحال مصافة المسلمين لعدوهم بأن يصلوا جماعة ويحملوا السلاح لئلا يحمل عليهم العدو.
وقال عليه الصلاة والسلام: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر وأتاه ﷺ رجل أعمى فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد يلائمني للمسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له ﷺ هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب خرجه مسلم في الصحيح.
فهذا رجل أعمى لم يأذن له الرسول عليه الصلاة والسلام في التخلف عن الجماعة. وفي اللفظ الآخر: لا أجد لك رخصة فصرح أنه ليس له رخصة وهو أعمى ليس له قائد يلائمه - يعني يحافظ على الذهاب به - فإن كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يقوده إلى المسجد ليس له رخصة، بل يتعين عليه أن يصلي في المسجد فكيف بحال القوي المعافى، فالأمر في حقه أعظم وأكبر، ثم التخلف عن صلاة الجماعة من أعظم الوسائل للتهاون بها وتركها بعد ذلك فإنه اليوم يتخلف، وغدا يترك ويضيع الوقت؛ لأن قلة اهتمامه بها جعلته يتخلف عنها في الجماعة والمساجد التي هي بيوت الله، والتي قال الله فيها سبحانه: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ الآية [النور:36]، وهي المساجد، وهذا أمر معلوم، فإن الذين يتخلفون عن الجماعة يسهل عليهم ترك الصلاة بأدنى عذر وبأقل سبب، ثم بعد ذلك يتركونها بالكلية لقلة وقعها في صدورهم ولقلة عظمتها في قلوبهم فيتركونها بعد ذلك.
فترك الصلاة في جماعة وسيلة وذريعة معلومة لتركها بالكلية، وقد قال ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر[2] خرجه الإمام أحمد في المسند وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.
وخرج مسلم في الصحيح عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة[3] وهذا يدل على أنه كفر أكبر لأنه أتى به معرفا، وقال آخرون من أهل العلم: إنه كفر دون كفر إذا لم يجحد وجوبها، لكن الصحيح الذي قامت عليه الأدلة أنه كفر أكبر وهو ظاهر إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
وقد حكى عبدالله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن أصحاب النبي ﷺ أنهم كانوا لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة، ومراده كفر أكبر؛ لأن هناك أشياء عملها كفر لكن ليس بكفر أكبر، مثل: الطعن في الأنساب، والنياحة على الأموات سماها النبي ﷺ كفرا، والصحابة كذلك، لكنه كفر أصغر، فلما أخبر عنهم أنهم كانوا لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة، علم أنه أراد بذلك الكفر الأكبر كما جاء في الحديث.
وأما كون هذه المعصية تسبب محق البركة، وتسبب أيضا شرا كبيرا عليه في بدنه وتصرفاته فهذا لا يستغرب، فإن المعاصي لها شؤم كبير، ولها عواقب وخيمة في نفس الإنسان وفي قلبه وفي تصرفاته وفي رزقه فلا يستغرب هذا، وقد دلت الأدلة على أن المعاصي لها عواقب وخيمة.
وقد قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه[4] ومعلوم أن المعاصي تسبب الجدب في الأرض، ومنع المطر، وحصول الشدة، وهذا كله بأسباب المعاصي، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30] وقال عز وجل: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79].
وهذا أمر معلوم بالنصوص وبالواقع فجدير بالمؤمن أن يحذر مغبة المعاصي وشرها ويتباعد عنها، وأن يحرص على أداء ما أوجب الله عليه، وعلى المسارعة إلى الطاعات، فهي خير في الدنيا والآخرة، والمعاصي شر في الدنيا والآخرة. رزق الله الجميع العافية والسلامة[5].
- رواه البخاري في (الإيمان) برقم ( 24) واللفظ له، ورواه مسلم في (الإيمان) برقم (33).
- رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (21859)، والترمذي في (الإيمان) برقم (2545).
- رواه مسلم في (الإيمان) برقم (82).
- رواه الإمام أحمد في (باقي مسند الأنصار) برقم (21379)، وابن ماجه في (الفتن) برقم (4012).
- من برنامج (نور على الدرب). (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 12/46)