ما المشروع من الذكر والنوافل في اليوم والليلة؟

السؤال: نعود في هذه الحلقة إلى رسالة الأخت فاتن سعيد من الجمهورية العراقية بغداد، أختنا سبق أن عرضنا بعضًا من أسئلتها في حلقةٍ مضت، وها نحن نعود إلى بقية الأسئلة، تقول في سؤالها لهذه الحلقة، لدي كتاب يسمى: ضياء الصالحين، فيه جميع الصلوات والتسابيح والأدعية إلى آخر، بجميع الأيام والشهور، ولكل يومٍ توجد صلاة اليوم والليلة، وأنا أصليها جميعها دون استثناء، فهل ما جاء في هذا الكتاب صحيح؟ وهل صلاتي صحيحة، أفيدونا أفادكم الله؟

الجواب: هذا الكتاب لم نقف عليه، ولا نعرف ما اشتمل عليه من الأحاديث الصحيحة أو غيرها، ولكن سنة الرسول ﷺ وضحت ما ينبغي أن يعمله المؤمن في ليله ونهاره، فقد صحت عن رسول الله ﷺ الأحاديث بما كان يعمل عليه الصلاة والسلام، وبما أمر الله به العباد وشرعه لهم، فمن ذلك: سنة الضحى، كان ﷺ يوصي الكثير من أصحابه بسنة الضحى، فهي سنةٌ مؤكدة، وربما صلاها وربما تركها عليه الصلاة والسلام، وقد صلاها يوم الفتح ثمان ركعات، وقالت عائشة رضي الله عنها: كان يصلي الضحى أربعاًً ويزيد ما شاء الله وأوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بصلاة الضحى، وقال عليه الصلاة والسلام لما ذكر الصدقة عن السلاميات: وأن على كل سلامى من الناس صدقة، وأن بكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة .... إلى آخر الحديث، قال: ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى فصلاة الضحى مؤكدة وفيها خير عظيم، وأقلها ركعتان، فإذا صلى أربعاً أو ستاً أو ثمان، أو أكثر من ذلك، فكله خير.
كذلك ما بعد الظهر كله محل صلاة، ويستحب له أن يصلي قبل الظهر أربعاً، وبعدها أربعاً، وهذا عام للرجال والنساء جميعاً، والراتبة أربع قبل الظهر وثنتان بعدها، هذه راتبة، أربع قبل الظهر وثنتان بعدها، كان يحافظ عليها النبي ﷺ، وقال عليه الصلاة والسلام: من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها حرمه الله على النار فإذا صلى أربعاً قبلها وأربعاً بعدها، فهذا خير، وفيه فضل، كذلك في العصر، يقول عليه الصلاة والسلام: رحم الله امرأً صلى أربعاً قبل العصر، فصلاة أربع قبل العصر فيها فضل أيضاً.
كذلك بين كل أذانين يصلي ركعتين: بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، ثم قال: لمن شاء لئلا يظن أنها واجبة، فيستحب أن يصلي بين الأذانين ما تيسر.
وكذلك بعد المغرب ركعتان، يسن أن يصلي بعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين راتبة، كان النبي يحافظ عليها ﷺ، ثنتين بعد المغرب وثنتين بعد العشاء.
وإذا صلى زيادة على ذلك، بين المغرب والعشاء، فكله خير، لو صلى مائة ركعة، كله خير، الحمد لله، وهكذا بعد العشاء كان يتهجد عليه الصلاة والسلام، ربما أوتر من أوله، وربما أوتر من وسطه، وربما أوتر من آخره، واستقر وتره ﷺ في آخر حياته عليه الصلاة والسلام في السحر يعني: في آخر الليل وهو أفضل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوترر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل فالليل كله محل تهجد ومحل عبادة، وكان عليه الصلاة والسلام يصلي في الغالب إحدى عشرة ركعة في الليل، بعد العشاء، والغالب في آخر الليل، إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، ويوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك كالسبع والخمس، فالمؤمن مخير، وهكذا المؤمنة إن صلى واحدة أجزأت في الوتر بعد العشاء، وإن صلى ثلاث فهو أفضل، وإن صلى خمساً فهو أفضل، وهكذا.
هذه الصلوات المشروعة في الليل والنهار من النافلة غير الفريضة، فأنت أيها الأخت في الله سمعت الآن ما جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، في الصلوات النوافل، فإذا كنت تصلين مثل هذه الصلوات فهذا خير عظيم غير الفريضة.
أما الفريضة فمعلومة: الظهر أربع والعصر أربع والمغرب ثلاث والعشاء أربع والفجر اثنتان، سوى السنة الراتبة، هذه الصلاة في الفريضة.
أما القراءة فيستحب لك أن تقرئي القرآن كثيراً، مع التدبر، مع التعقل، يقول الله جل وعلا: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] ويقول سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29] فيستحب لك الإكثار من القراءة بالتدبر والتعقل في الآيات التي تقرئينها، فإن فيه ذكر الجنة، ذكر النار، بيان أعمال الجنة، أعمال النار، بيان صفات المتقين، صفات الكافرين، صفات المنافقين، فالمؤمن يتدبر، وهكذا المؤمنة، فيعمل بصفات الأبرار والأخيار، ويبتعد عن صفات الأشرار والمنافقين، ويتذكر الجنة ويشتاق إليها ويعمل لها، وإذا سمع النار تعوذ بالله منها وابتعد عن أعمال أهلها، وإذا ختمت كل ثلاث أو كل سبع، هذا طيب، أو كل عشر، أو كل خمسة عشر، أو كل شهر، كله طيب.
وينبغي أيضاً الإكثار من ذكر الله، والصلاة على النبي ﷺ في جميع الأوقات، الإكثار من ذكر الله: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيءٍ قدير، يستحب الإكثار من هذا الذكر، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، والله يقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ۝ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:41-42] ويقول جل وعلا في كتابه العظيم: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الجمعة:10] ويقول لما عدد صفات المؤمنين، قال: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35] ويقول ﷺ: سبق المفردون، قيل: يا سول الله ما المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات.
فالذكر لله أمره عظيم، وفضله كبير، وهكذا الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام، الله يقول جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56] ويقول عليه الصلاة والسلام: من صلى علي واحدة، صلى الله عليه بها عشراً وجاءه جبرائيل فبشره أن من صلى عليه واحدة، صلى الله عليه بها عشراً، ومن سلم عليه واحدة، سلم الله عليه بها عشراً. فهذا خير عظيم، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
هذا شيء مما جاء في الكتاب والسنة، من فضل الذكر، وفضل الصلاة على النبي ﷺ، وما يتعلق بالصلوات النافلة في الليل والنهار، نسأل الله أن يوفقنا وإياك وسائر المسلمين لما فيه الخير والصلاح والسعادة العاجلة والآجلة.
فتاوى ذات صلة