ضلالات الصوفية وبدعهم

السؤال: من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حضرموت منطقة ترس رسالة بعث بها أخونا سعيد خميس الصويل ضمنها خمسة أسئلة.
في سؤاله الأول يقول: يوجد عندنا الكثير من علماء الدين -كما يصفهم- يقومون بدق الطبول داخل المساجد مع استعمال المدروف الناي، وهو نوع من الموسيقى، وينشدون معه الأناشيد المعبرة عن أشخاص مقبورين، يسألونهم ويطلبون منهم العون، فبماذا ترشدون هؤلاء أبقاكم الله؟  

الجواب: هؤلاء يسمون الصوفية، والتصوف الذي أحدثه هؤلاء بدعة في الدين، وكان أصل ذلك أنه وجد في المسلمين زهاد وأهل ورع وزهد يتعبدون ويحرصون على العبادات والقراءة والذكر في المساجد والبيوت حرصاً منهم على الخير، ثم تطورت الأحوال حتى حدث هؤلاء الذين أحدثوا بدعاً ومنكرات في الدين، منها هؤلاء الذين ذكرهم السائل، الذين يتعبدون بالطبول والدفوف والأناشيد والأغاني وآلات اللهو، هذا منكر من القول وبدعة.
وقد أنكر ذلك العلماء، وأطال في ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله وغيره من أهل العلم في كتابه إغاثة اللهفان، وأطال غيره فيها من أهل العلم وبينوا بطلان ذلك وأن هذا منكر عظيم يجب تركه، ولا يجب أن يسمى هؤلاء علماء ليسوا بعلماء هؤلاء، بل هؤلاء جهال في الحقيقة، وليسوا بعلماء بل أضلوا الناس ولبسوا على الناس، فلا يجوز اتباعهم في هذا الأمر، ولا تقليدهم في هذا الأمر بل يجب أن ينصحوا وأن يوجهوا إلى الخير، وأن يحذروا من هذه البدعة المنكرة.
وأشنع من هذا وأكبر دعاؤهم الأموات والاستغاثة بالأموات، هذا شرك أكبر، هذا شرك الجاهلية شرك أبي جهل وأشباهه، دعاء الأموات كـالعيدروس أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو البدوي أو الحسين أو غيرهم من الناس هذا شرك أكبر، هذا مثل فعل المشركين الأولين مع اللات ومع العزى، ومثل فعل النصارى مع عيسى وغيرهم فهذا شرك أكبر.
فإذا قال: يا سيدي فلان! اشف مريضي، أو رد علي غائبي، أو اقض حاجتي، أو أنا في حسبك، أو المدد المدد يا سيدي! سواء كان هذا مع النبي عليه الصلاة والسلام أو مع الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أو مع الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو مع العيدروس أو مع البدوي، أو مع الست نفيسة أو الست زينب أو غيرهم ممن اشتهروا في مصر وغيرها، وفي الجنوب العيدروس وناسا آخرين، وفي العراق الجيلاني وأناساً آخرين.
كل هذا من الشر العظيم، وكل هذا مما أحدثه الجهال وأشباه الجهال، فدعوة الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم والذبح لهم هذا من الشرك الأكبر بإجماع أهل العلم، يقول الله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي [الأنعام:162] يعني: قل يا محمد! للناس: إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي(يعني: ذبحي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لا شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:162-163] فجعل الصلاة لله والذبح لله (لا شريك له) وقال سبحانه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1] فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] فالصلاة لله والذبح لله، فمن صلى لغير الله كفر وهكذا من ذبح لغير الله، وقال جل وعلا: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] فنهى أن يدعى مع الله أحد، وقوله: (أحداً) يعم الأنبياء والأولياء وغيرهم، نكرة في سياق النهي تعم الناس كلهم وتعم الخلائق.
وقال : وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ[يونس:106] يعني: المشركين، وكل مخلوق دون الله لا ينفع ولا يضر هذا وصف عام جميع المخلوقات لا تنفع ولا تضر، إلا بالله هو الذي جعل فيها النفع والضر سبحانه وتعالى، فلا يجوز دعاء أي مخلوق بعد الله لا صنم ولا شجر ولا حجر ولا نبي ولا ولي ولا صاحب قبر ولا غير ذلك، وقال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ[المؤمنون:117] فسمى هذا كفراً، وسماهم كافرين نعوذ بالله، بدعائهم الأموات وبدعائهم الأصنام والأشجار والأحجار.
وقال سبحانه في كتابه العظيم: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ [فاطر:13] هذا يعم الأصنام والأولياء والأنبياء وغيرهم وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ [فاطر:13] والقطمير: اللفافة التي على النواة، كلها ملك لله سبحانه وتعالى.
إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ما يقدرون وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:14] فسمى عملهم شركاً، سمى دعاءهم إياهم شركاً، قال: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:14] ثم قال سبحانه: وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:14] وهو الله سبحانه، هو الذي أخبر عن هذا وهو العالم بأحوالهم سبحانه وتعالى، فسماه بهذا شركاً، وفي آية المؤمنون سماه كفراً فقال: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ [المؤمنون:117] كل كافر ما له برهان، كل كافر ما له برهان فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117].
وقال : وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ۝ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:5-6] ويقول النبي ﷺ: الدعاء هو العبادة فجعل الدعاء هو العبادة نفسها، فهذا يدل على عظم شأن الدعاء، فإذا قال: يا سيدي! اشف مريضي، رد حاجتي، رد غائبي، اشفع لي، المدد المدد، أو ذبح له، فقد وقع منه أنواع من الشرك.
وفي هذا المعنى يقول النبي ﷺ: لعن الله من ذبح لغير الله رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قال: حدثني رسول الله بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثاً، لعن الله من غير منار الأرض أربع مسائل لعن أصحابها، لعنهم الله جل وعلا، وأعظمها الذبح لغير الله، يتقربون بالبقر أو بالإبل أو بالغنم، أو بالعجول أو بالدجاج إلى غير الله، من الأموات والغائبين، هذا شرك أكبر.
وروى الإمام أحمد رحمه الله بإسناد جيد عن طارق بن شهاب ، قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئاً، فقالوا لأحدهما: قرب، قال: ليس عندي شيئاً أقرب، قالوا: قرب ولو ذباباً، فقرب ذباباً فخلوا سبيله فدخل النار -ذباب تقرب به إلى غير الله- وقالوا للآخر: قرب، قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل، فضربوا عنقه فدخل الجنة فهذا يدل على أن التقرب لغير الله في العبادات من ذبح أو دعاء أو استغاثة أو نذر أو نحو ذلك شرك أكبر بالله سبحانه وتعالى، حتى ولو كان المقرب حقيراً كعصفور أو حمامة أو ذباب أو ما أشبه ذلك، كيف بالذي يقرب الإبل والبقر والغنم والعجول يكون شركه أكبر نعوذ بالله وأشد.
فالحاصل: أن هذا العمل من هؤلاء من دعائهم الأموات والاستغاثة بالأموات شرك أكبر، وضربهم بالدفوف وقيامهم بالأغاني والناي وأنواع الملاهي هذا من المنكرات وتعبدهم بهذا من البدع، ومن تعبد بهذا من البدع التي أحدثها الصوفية، والصوفية شرهم عظيم نسأل الله أن يهديهم، قد أحدثوا بدعاً كثيرة فنسأل الله أن يهديهم وأن يردهم إلى الصواب.
الواجب عليهم وعلى غيرهم الرجوع إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله ﷺ، وأن يسيروا على ما كان عليه النبي وأصحابه هذا هو الهدى، هذا هو الصراط المستقيم ما سار عليه النبي ﷺ وأصحابه هو الصراط المستقيم، لا يجوز لأهل التصوف ولا غيرهم أن يتركوا طريق النبي ﷺ وأن يحدثوا طريقاً آخر، لا، الباب موقوف باب العبادة توقيفي، ليس لأحد أن يحدث شيئاً في دين الله عز وجل؛ ولهذا يقول الله سبحانه: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام:153].
روى الإمام أحمد وغيره ومحمد بن نصر المروزي في كتاب السنة وجماعة آخرون بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود قال: خط الرسول ﷺ خطاً مستقيماً فقال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله فقال: هذه السبل، وعلى كلل سبيل منها شيطان يدعو إليه هكذا هذه السبل التي أحدثها الصوفية وأشباههم كلها من الشياطين، كلها طرق دعا إليها الشيطان، فالواجب الحذر.
والشياطين قسمان، صنفان: شياطين الإنس وشياطين الجن، وكل من خرج عن طريق الله وتمرد على شرع الله فهو من الشياطين، فشياطين الإنس من جنس دعاة الشرك من الصوفية وغيرهم، هم شياطين الإنس، وشياطين الجن كثيرون.
فالواجب الحذر من شياطين الإنس والجن، وكل من دعا إلى غير الله أو دعا إلى البدع فهو من شياطين الإنس، وإن كان من الجن فهو من شياطين الجن.
فالواجب على هؤلاء الذين ذكرهم السائل في الجنوب أو في غير الجنوب في أي مكان الواجب عليهم التوبة إلى الله، والرجوع إلى الله، والاستغفار مما فعلوا، والندم على ذلك، وأن يجددوا دينهم وأن يسلكوا ما سلكه الرسول ﷺ وأصحابه، عليهم أن يسلكوا طريق رسول الله ﷺ، وطريق أصحابه الذي سار عليه التابعون لهم بإحسان من الاستقامة على دين الله، وعبادته كما شرع الله سبحانه وتعالى وترك البدع، رزق الله الجميع الهداية والتوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً، ونفع بعلمكم. 
فتاوى ذات صلة