حكم زيارة القبور والنذر لها والاحتفال بالموالد

السؤال: أخونا أيضًا يقول: أسألكم عن قبور الأولياء؛ أولياء الله الصالحين، مثل: مسجد الحسين والسيد البدوي وهم كثيرون جدًا، وكل واحد يقام له الاحتفالات وتنذر له النذور، ولا أحد ينكر على الناس، أرجو من سماحة الشيخ توجيه الناس إلى ما فيه الخير، وإذا أمكن أيضًا أن يكون التوجيه مكتوبًا فلعله يكون مفيدًا.

الجواب: لا شك أن هذا الأمر واقع في الناس، وهو من أعظم المصائب من أعظم الكبائر بل هو الشرك الأعظم ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإن الغلو في أصحاب القبور ودعاءهم من دون الله والاستغاثة بهم والتقرب إليهم بالطواف بقبورهم كل هذا من الشرك الأكبر، وهكذا الذبح لهم والنذر لهم كله من الشرك الأكبر.
أما الاحتفالات بمواليدهم فهذه من البدع التي يجب تركها، لكن لو وقع فيها دعاؤهم والاستغاثة بهم صار ذلك من الشرك الأكبر، وكثير من الناس في الاحتفالات قد يدعون المحتفل به ويستغيثون به كما يفعل هذا بعض الناس عند احتفاله بمولد النبي عليه الصلاة والسلام، فالبدع تجر إلى الشرك وهي بريد له، وهي أعظم المنكرات بعد الشرك البدع، فإن المنكرات مراتب أعظمها الشرك بالله وأنواع الكفر به سبحانه وتعالى ثم يلي ذلك البدع؛ لأنها زيادة في الدين واعتراض على الله، فهي وسيلة إلى الشرك بالله ، فالواجب الحذر منها ومن ذلك البناء على القبور واتخاذ القباب عليها وإقامة الموالد والاحتفال بها كل هذا من وسائل الشرك، فإن القبر متى عظم بالبناء واتخاذ القبة عليه والمسجد فإن العامة يظنون أن هذا يدل على أنه يدعى من دون الله فيستغيثون به وينذرون له ويظنون أنه يقضي حوائجهم وأنه يشفع لهم عند الله بهذا العمل السيئ، وهذا هو عمل المشركين الأولين هو دينهم دين قريش وأشباههم، الغلو في الأموات والاستغاثة بأصحاب القبور ودعاؤهم من دون الله والنذر لهم هذا هو دين قريش كما قال تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] فرد الله عليهم بقوله سبحانه: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18] فبين سبحانه أنه لا يعلم له شريكًا لا في السماء ولا في الأرض وأنكر عليهم عملهم هذا.
فليس المشركون على حق بل هم على باطل، وليست آلهتهم التي دعوها من دون الله تشفع لهم، قال الله تعالى: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر:48] وهكذا قوله سبحانه في الآية الأخرى: فاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ۝ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:2-3] يعني: يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فأخبرعن المشركين أنهم اتخذوا آلهتهم التي عبدوها من دون الله يزعمون أنها تقربهم إلى الله زلفى، ولم يزعموا أنها تخلق أو ترزق، لا، وإنما أرادوا تقريبها لهم عند الله وشفاعتها لهم عند الله ومع هذا حكم الله عليهم بالشرك والكفر، قال تعالى في هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّار [الزمر:3] سماهم كذبة في دعواهم أنها تقربهم كفرة في هذا العمل، فالواجب الحذر من هذا الغلو وهذه البدع التي أحدثها الناس عند القبور فإنها شر عظيم وفساد كبير ووقوعها يجر إلى الشرك فإنه متى عكف على القبر وبنى عليه وعظمه بالستور والأطياب فإن ذلك يجره إلى أن يدعوه من دون الله وإلى أن يستغيث به وهذا هو الشرك الأكبر عند جميع أهل العلم.
فيجب الحذر من هذا البلاء العظيم، ويجب على العلماء أن يبينوا للناس هذه الشركيات وهذه المنكرات وأن يرشدوهم إلى الحق حتى يدعوه.. حتى يدعوا هذا الباطل .. حتى يدعوا هذا الشرك.
وقد مكث النبي ﷺ في مكة عشر سنين يدعو الناس إلى توحيد الله وينكر عليهم الشرك بالله وعبادة الأوثان والأصنام وأصحاب القبور ثم فرض الله عليه الصلوات الخمس فبقي بعدها في مكة نحو ثلاث سنين يدعو إلى توحيد الله والإخلاص له ثم هاجر إلى المدينة عليه الصلاة والسلام، ولم يزل يدعو إلى الله ويعلم الناس ما شرع الله لهم حتى توفاه الله عليه الصلاة والسلام ونقله إلى الرفيق الأعلى عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.
فالواجب على خلفائه وهم العلماء أن يتقوا الله، وأن يبينوا للناس دينهم على الوجه الذي لا خفاء فيه.
ولا ريب أن سكوت العلماء ومن ينسب إلى العلم عن العامة وهم يفعلون هذه الأفعال التي هي التعلق بالأموات والاستغاثة بالأموات، لا شك أن سكوتهم يشجع هؤلاء على هذا الشرك ويعتقدون أن هذا السكوت دليل على أن هذا جائز وأنه لا حرج فيه.
فالواجب الحذر، والواجب على العامة أن يسألوا أهل العلم المعروفين بالعقيدة الصالحة وتعظيم كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، والواجب على العلماء أن يتقوا الله ويتبصروا وأن ينكروا ما أنكره الله ورسوله من الشرك وسائر المعاصي، والله المستعان. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة