الجواب: هذا فيه التفصيل، أما النذر للأموات والاستغاثة بهم ودعاؤهم فهذا من الشرك الأكبر ومن العبادة لغير الله، فإذا قال: لله علي كذا وكذا من المال للشيخ البدوي أو للرسول ﷺ، أو للصديق أو للشيخ عبد القادر أو علي ذبيحة أو ذبيحتان للشيخ عبد القادر أو للسيد الحسين أو للبدوي أو للرسول ﷺ هذا من الشرك الأكبر لأن النذر عبادة، لا ينذر إلا لله وحده سبحانه وتعالى، أو قال: يا رسول الله! أغثني، أو اشف مريضي أو يا سيدي الحسين أو يا علي أو يا فاطمة أو يا سيدي البدوي أو يا فلان أو يا فلان، كل هذا من الشرك الأكبر، لأنه دعوة لغير الله، والله يقول سبحانه في كتابه العظيم: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] (أحدًا) يعم نكرة في سياق النهي تعم الأنبياء وتعم الصالحين وتعم الملائكة وتعم الأصنام عامة، ويقول سبحانه: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] يعني: المشركين، وجميع المخلوقات لا ينفعون ولا يضرون إلا بالله هو الذي ينفع ويضر ، ويقول : وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] فسمى من دعا غير الله كافرًا، فدل ذلك على أنه من الشرك الأكبر، وقال : ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ [فاطر:13] القطمير: اللفافة التي على النواة على عجمة التمر، وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:13-14] فسماه شركًا، سمى دعاؤهم إياه شركًا ونفى أنهم يسمعون؛ لأنهم ما بين ميت لا يستطيع السمع وما بين ملك مشغول بما هو فيه أو جني مشغول أو لا يعرف شيئًا من ذلك ولا يدري عن شيء من ذلك، أو ميت أو صنم أو شجرة كلها لا تجيب داعيها كل هؤلاء لا يجيبون داعيهم، لا يسمعون ولا يستجيبون وهم مع هذا لو قدر أنهم سمعوا كالملك أو غيره لا يستطيعون أن يجيبوا؛ لأنهم أمرهم بيد الله ، هو مالكهم ومالك غيرهم ، وإذا كانوا أمواتًا فلن يستطيعوا وإذا كانوا جمادًا لن يستطيعوا وإذا كانوا ملائكة أو جنًا فهم لم يشرع لنا أن ندعوهم من دون الله وهم لا يتصرفون إذا كانوا ملائكة إلا بإذن الله، والله لا يأذن لهم أن يعبدوا من دون الله ولا أن يرضوا بذلك، وهكذا الجن المؤمنون لا يرضون بذلك، والكافرون لا يجوز أن يعبدوا فلا يعبد هؤلاء ولا هؤلاء، فالمؤمنون من الجن والإنس لا يرضون بذلك ولو رضوا لكفروا بذلك، والجن لا يرضون بذلك إذا كانوا مؤمنين وأما كفار الإنس وكفار الجن فليسوا أهلًا لأن يعبدوا من دون الله، ولو عبدوا من دون الله لكان عابدهم كافرًا من باب أولى، ولهذا قال سبحانه: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:14] هؤلاء وهؤلاء المعبودون كلهم سيكفرون بشرك العابدين من جن وإنس وملائكة كلهم يكفرون بعبادة عابديهم، فعلم بذلك أن عبادة غير الله من جن أو إنس أو ملائكة أو صنم أو شجر أو غير ذلك كله كفر بالله، كله شرك بالله ، ولهذا يقول سبحانه: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ [سبأ:40-41] قال سبحانه: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:5-6] نسأل الله العافية.
فالخلاصة: أنه لا يجوز دعاء غير الله ولا النذر لغير الله ولا الاستغاثة بغير الله، ولا سؤاله شفاء المرضى ولا رد الغياب ولا الرزق ولا غير هذا مما يحتاجه الناس، سواء كانوا أنبياء أو ملائكة أو شجرًا أو صنمًا أو جنًا أو غير ذلك، يجب أن تكون العبادة لله وحده .
أما كونه يدعو للميت يستغفر له لا بأس إذا كان ميت مسلم، قال: اللهم اغفر لفلان، اللهم اغفر للحسين، اللهم ارض عن الحسين، اللهم اغفر لـأبي بكر اللهم ارض عن أبي بكر أو دعا لغيرهم من الصالحين من المسلمين، هذا مأجور دعاء المسلم لأخيه فيه أجر عظيم وخير كثير، قال الله تعالى عن الصالحين أنهم قالوا: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ [الحشر:10] فالدعاء للميت المسلم والاستغفار له هذا طيب، المنكر أن يدعوهم من دون الله، أن يستغيث به أن ينذر له، أن يسأله الشفاعة أن يسأله شفاء المريض هذا هو المنكر، هذا هو الشرك، أما إذا دعا له قال: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم ارفع درجته في الجنة اللهم اغفر سيئاته، هذا لا بأس هذا طيب مأمور به. نعم.
المقدم: أخونا يسأل سماحة الشيخ عن حكم أولئك الذين يدعون أصحاب القبور؟
الشيخ: مثل ما تقدم حكمهم أنهم مشركون يعني: إذا دعوا أصحاب القبور أو دعوا الأصنام أو الأشجار أو الأحجار أو الملائكة أو الجن كلها طريقها واحد، كله كفر بالله عز وجل، يستثنى من هذا شيء واحد وهو أنه لا بأس أن يستعين المؤمن بأخيه الحاضر أو بغير المؤمن كما لو اشترى سلعة من كافر أو قال له: يبني هذا المحل أو يصلح السيارة وهو يسمع كلامه ويقدر هذا مستثنى ليس من الشرك، مثل ما قال الله سبحانه في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] فإذا قال الإنسان لأخيه الحاضر أو لغير أخيه من كافر قال له: اصنع لي كذا، أو اعمل لي كذا، أو اعمر لي هذا البيت، أو أصلح لي هذه السيارة أو احرس لي هذه الأرض بكذا وكذا، واتفق معه على شيء لا بأس هذه أمور عادية يقدر عليها المخلوق الحي الحاضر، المنكر أن يدعو غائبًا أو ميتًا أو إنسانًا حي لكن يعتقد فيه السر، أمورًا ما يقدر عليها بطبيعته يعتقد أن له السر وأنه إذا دعي مع الله إذا سئل أن يغفر الذنوب أو سئل أن يدخل الجنة أنه يستطيع هذه الأمور لسر فيه فهذا هو المنكر ولو كان حيًا كمن يعبد من بعض الصوفية شيوخهم وكبارهم ويستغيثون بهم ويطلبونهم شفاء المرضى، هذا من الشرك الأكبر ولو كان حيًا؛ لأنه سأل شيء ليس من طاقته وليس من قدرته، بخلاف إذا قال: سلفني كذا أقرضني كذا، اعمر لي هذه الدار بكذا، أصلح لي هذه الأرض، أصلح هذه السيارة، ناولني هذا المتاع في السيارة.. أمور بين الناس عادية لا بأس بها. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم.
حكم دعاء أهل القبور والنذر لهم
السؤال: أخونا أيضًا يسأل حول هذا الموضوع ويقول: وما حكم النذر على القبور والدعاء لأصحاب القبور، مثلًا يدعو صاحب القبر: يا شيخ فلان، يا شيخ فلان، وما حكم هؤلاء الناس الذين يدعون أصحاب القبور؟