أحوال الحكم بغير ما أنزل الله على وحكمها

الحكم بغير ما أنزل الله على حالين، إحداهما أن يكون كفرًا أكبر وظلمًا أكبر وفسقًا أكبر، وهو ردة عن الإسلام نعوذ بالله من ذلك، وهذا فيمن استحله، إذا استحل الحكم بغير ما أنزل الله، أو رأى أن الحكم بما أنزل الله أولى، وأن القوانين الوضعية أولى للناس، وأرفق بالناس، وأولى من الشرع، أو أنها مساوية للشرع؛ فهذا كفر أكبر، وظلم أكبر، وفسق أكبر، أما إذا حكم بغير ما أنزل الله لهوى كقرابة أو رشوة أو نحو ذلك وهو يعلم أنه مخطئ وأنه غلطان وأنه عاص لله وأن الحكم بما أنزل الله هو الواجب، ولكنه تابع هواه في ذلك، إما لقرابة أو لرشوة أو لغير ذلك من الأسباب؛ فهذا يكون كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، يعني معصية كبيرة ومن المحرمات الكفرية، ومن أنواع الظلم والفسق، لكن لا ردة عن الإسلام؛ بخلاف من حكم مستحلاً لذلك، سواء اعتقد أن حكم الله أفضل، أو أن حكم القوانين أفضل، أو ساوى بينهما، كل ذلك ردة عن الإسلام، وظلم أكبر، وكفر أكبر، نسأل الله العافية.
تفسير القرآن العظيم (ابن كثير) (من قوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)