تفسير آية جمعت الخير الذي تتم به السعادة!

يقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:35]، وجمع الخير كله في هذه الكلمات الثلاث: اتقوا الله، وابتغوا إليه الوسيلة، وجاهدوا في سبيله؛ فالمسلمون إذا اتقوا ربهم وتركوا محارمه وابتغوا إليه الوسيلة وتقربوا إليه بطاعته وأداء حقه وجاهدوا أعداءه تمت لهم السعادة؛ أدوا ما عليهم وجاهدوا أعداء الله ليدخلوهم في دين الله ويرشدوهم إلى الحق، فهذه أسباب السعادة كلها:
أن يقوم العبد بما أوجب الله عليه، وهذه التقوى أن يقوم بما أوجب الله، ويترك ما حرم الله، هذه هي التقوى، هذا هو الإيمان، هذا هو الهدى كله، فالله إذا جمع بين التقوى والعمل فالمعنى تقوى المحارم والعمل بما أوجب الله، فقوله: اتَّقُوا اللَّهَ يعني اتركوا محارمه وعظموه واخشوه وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ بأداء حقه، الوسيلة القربة إليه بطاعته، فالمعنى أدوا فرائضه واتركوا محارمه، وجاهدوا أعداءه، هذا هو الدين كله؛ أداء الفرائض وترك المحارم وجهاد الأعداء.
ويدخل في ابتغاء الوسيلة أيضًا سائر القربات والطاعات، أعظمها ما أوجب الله على العبد، ومن كمالها التطوعات التي شرعها الله لعباده، فهذا واجب المؤمنين جميعًا أينما كانوا؛ أن يتقوا الله بفعل ما أوجب، وترك ما حرم، والجهاد في سبيله حسب الطاقة، والجهاد يكون بالقول ويكون بالعمل، ويكون بالسيف، فالدعوة إلى الله جهاد في سبيله، وحمل السلاح وقتال الأعداء من الجهاد في سبيله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الجهاد في سبيله، والله المستعان.