رسالة من الشيخ الهلالي إلى الشيخ ابن باز حول بعض الأمور الخاصة

بسم الله الرحمن الرحيم[1]
حرر بفندق رحاب بالمدينة النبوية.
رقم الغرفة 215 في الثامن من شعبان سنة 1397هـ.
حضرة صاحب السماحة رئيسنا الجليل الأستاذ الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز، أطال الله بقاءه وأدام في سماء السعادة ارتقاءه، وسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعلى الأبناء الكرام البررة وعلى أهل البيت من أم فاطمة ومني ثم على المرافقين السعداء بمرافقتكم أبي محمد الشيخ إبراهيم الحصين، وأبي ناصر الشيخ عبدالعزيز بن ناصر الباز، وأبى حمد عبدالرحمن بن دايل، والشيخ عبدالرحمن بن عتيق لم أعرف كنيته، وعلى المكرم النبيل الشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم الباز، وعلى الأديب الكبير الأستاذ الشيخ أبي إبراهيم سعد بن عبدالمحسن الباز وحقه التقديم، ولكن الواو لا تفيد تعقيباً، ولا ترتيباً إلا إذا كانت معها قرينة كقول النبي صلى الله عليه وسلم: أبدأ بما بدأ الله به أما بعد:
فلما ودّعتكم وبالرغم مني أن أودعكم توجهنا إلى طيبة، فوجدنا سيارة الجامعة في انتظارنا، وكنا نريد أن ننزل ببيت جارنا سابقاً مسلم بن محمد جمعة فوجدناه مسافراً بأهله، فتوجهنا إلى بيت الشيخ عمر بن محمد فلاته، فوجدناه هو - أيضًا - مسافرًا ولكننا نزلنا في بيته؛ لأن أهل بيته يعرفوننا ورحبوا بنا وزارنا في المساء فضيلة الشيخ عبدالمحسن بن حمد العباد مسلّماً متفقداً، وفي اليوم الثاني جاءني الشيخ حماد الأنصاري وقال لي: إني اقترحت على الشيخ عبدالمحسن أن ينزلك في ضيافة الجامعة، فقبل ذلك وبعد ذلك كلمني الشيخ عبدالمحسن بالتلفون وقال لي: إني نسيت البارحة أن أقترح عليك النزول في ضيافة الجامعة حتى نبهني الشيخ حماد، وهاأنذا أقترح عليك ذلك، فقبلت الاقتراح، وبعث إليّ السيارة فقالت زوجة الشيخ عمر - جزاها الله خيرًا - لأم فاطمة: هل أنتم غير مستريحين في بيتنا؟ فقالت لها: معاذ الله ولكن دعينا إلى النزول في الفندق.
والخبر الثاني: إني منذ زمن طويل ألوم نفسي وأقول لها كيف تقولين القصائد في مدح من لم يساوِ ظُفْرَ أخيك عبدالعزيز بعدما يقلمه ويلقيه؟!
وكم هممت بذلك فتجيئني أبيات ركيكة لا أرضاها لكم، وفي الأيام التي أقمتها ببيتكم في الرياض مكرمًا مبجلًا كنت - أيضًا - أحدّث نفسي بذلك ففي اليومين الأخيرين نظمت البيتين الأولين من القصيدة وصعّب علي النظم أن ماكنة كتابة المكفوفين لم تكن معي؛ لأني استثقلت حملها من المغرب فكان عليّ أن أنظم البيت والبيتين والثلاثة وأكررها لئلا تضيع حتى ألتقي بأبي مساعد محمد الدرعاوي؛ فيكتبها وقد أعانني الله - تعالى - فتمت القصيدة أمس في ستة وأربعين بيتاً وأنشدتها الشيخ حماداً فأعجب بها وطلب تصويرها وهي عنده.
وكذلك أطلعت عليها أبا خالد عبدالرحمن بن سيف ابن أخيكم؛ فأعجبته وطلب منها نسخة؛ فأحلته على الشيخ حماد، وسأبعث لكم مع هذا نسخة منها مع الاعتذار بانشغال البال، وعدم الاستقرار، وعدم كتب اللغة لمشاورتها في بعض الألفاظ.
والخبر الثالث: القصيدة النونية التي نظمها العلمي المغربي البوتشيشي الذي يقول بوحدة الوجود، ويعتقد أن شيخه هو الله، ولم يتفطّن لذلك الشيخ محمدابن عبدالسلام الملحق الثقافي، وبعث إليكم بنسخة منها، فلما أطلعتموني عليها كتبت عليها نقداً؛ لأني فهمت من إعطائكم إياي نسخة أنكم تريدون معرفة رأيي فيها وصرّحت بذلك في أول النقد، وسيصلكم مع هذا النقد فإن وافقتم عليه فأخبروني؛ لأنشره باسمكم، وإن لم توافقوا فأخبروني حتى أحذف اسمكم منه.
الخبر الرابع: أنا عزمنا على السفر غداً صباحاً الإثنين 9 شعبان إلى جدة على أن ننزل في بيت أخينا محمد بن عبدالوهاب البنا، وقد أعلمناه بذلك بالتلفون ورقمه ((55005)) وسنبقى عنده إلى أن نحجز مقاعد في الطائرة إلى باريس ورقم تليفون الشخص الذي ننزل عنده في باريس ((3662449)) وقد فرحوا كثيرًا بنيتي أن أتوجه إليهم، وبلغني كتاب منهم يرحبون بقدومي رئيسهم: رئيس جمعيتهم الحاج عبدالقادر الجزائري، وخطيبهم وواعظهم فضيلة الأستاذ الشيخ مجاهد المصري، وصديقنا الشيخ بنعيسى سليمان الفيجيجي.
حاولت أن أتكلم معكم بالرقم الذي أعطيتموني ((22511)) في الطائف فلم أحصل على جواب، وسأتكلم معكم في جدة - إن شاء الله - وربما أصل إلى مكة للعمرة إن يسر الله ذلك.
وصلنا إلى جدة ووجدنا الأخ الكريم والصديق الحميم أبا سهيل محمد بن عبدالوهاب البنا في انتظارنا في المطار؛ فنزلنا عنده على الرحب والسعة والبارحة وهي ليلة الثلاثاء توجهنا إلى مكة، واعتمرنا وكان سفرنا في سيارة أبى سهيل وهو سائقها، ثم رجعنا إلى جدة في هذا الصباح ولحق بنا أبو مساعد الدرعاوي؛ لأنه كان قد تعطلت أوراقه، وسنشرع في الحجز للسفر إلى فرنسا إن شاء الله.
وتجدون هنا نسخة من القصيدة التي تقدم ذكرها وأرجو أن تنقلوا منها نسخة للشيخ سعد بن عبدالمحسن، وسأخبركم إن شاء الله بما يحدث من أمرنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
من حافظ ودكم محمد تقي الدين الهلالي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قال محمد تقي الدين الهلالي في بيت صاحب السماحة الأستاذ الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز في مدح آل باز عموماً وفي مدحه خصوصاً في اليوم الأول من شعبان سنة 1397هـ
خليلي عُوْجَا بي لنغتنما الأجرا على آل باز إنهم بالعلى أحرى
فما منهمو إلا كريم وماجدٌ تراه إذا ما زرته في الندى بحرا
فعالمهم جَلَّى بعلم وحكمةٍ وفارسهم أولى عداة الهدى قهرا
فسل عنهمُ القاموسَ والكتُبَ التي بعلم حديث المصطفى قد سمت قدرا
أعُمُّهموا مدحاً وإني مقصرٌ وأختص من حاز المعالي والفخرا
أمامَ الهدى عبدَالعزيز الذي بدا بعلم وأخلاق أمام الورى بدرا
تراه إذا ما جئته متهللاً ينيلك ترحيباً ويمنحك البِشْرا
وأما قِرى الأضيافِ فهو إمامُه فحاتم لم يتْرك له في الورى ذكرا
حليمٌ عن الجاني إذا فاه بالخنا ولو شاء أرداه وجلله خُسرا
يقابل بالعفو المسيء تكرماً ويبدل بالحسنى مساءته غُفرا
وزهده في الدنيا لو أن ابن أدهم رآه ارتأى فيه المشقة والعسرا
وكم رامت الدنيا تحلُّ فؤاده فأبدلها نُكْراً وأوسعها هَجْرا
فقالت له: دعني بكفِّك إنني بقلبك لم أطمع فحسبي به وَكْرا
خطيب بليغ دون أدنى تلعثم ومن دون لحن حين يكتب أو يقرا
بعَصْرٍ يرى قُراؤه اللحنَ واجباً عليهم ومحتوماً ولو قرأوا سطرا
بتفسير قرآنٍ وسنة أحمدٍ يُعمِّر أوقاتا وينشرها درّا
وينصر مظلومًا ويسعف طالبًا بحاجاته ما إن يخيِّب مضطرا
قضى في القضا دهرًا فكان شُريحَه بخرج أزال الظلم والحيف والقسرا
وكلية التشريعِ قد كان قُطْبَها فأفعمها علماً فنال به شكرا
وجامعة الإسلام أطلع شمسَها فَعَمَّت به أنوارُها السَّهْلَ والوعرا
تيمّمَها الطلابُ من كل وُجْهَةٍ ونالوا بها علماً وكان لهم ذخرا
فمن كان منهم ذا خداع فخاسر ومن كان منهم مخلصاً فله البشرى
ولم أر في هذا الزمان نظيره بعلم وأخلاق بدا عَرْفُها نَشْرا
وأصبح في الإفتا إماماً مُحَقِّقَاً مشاكله العسرى به أُبدلت يسرا
وأما بحوث العلم فهو طبيبُها يُقِرُّ بها عُرْفاً وينفي بها نُكْرا
ويعرف معروفًا وينكر منكرًا ولم يخش في الإنكار زيداً ولا عمرا
وما زال في الدعوى سراجًا منوِّرًا دُجَى الجهل والإشراك يدحره دحرا
بدعوته أضحت جموعٌ كثيرةٌ تحقق دين الحق تنصره نصرا
ألم تره في موسم الحج قائمًا كيعسوب نحلٍ والحشودُ له تترا
وما زال في التوحيد بدر كماله يحققه للسامعين وللقُرّا
ويثبت للرحمن كل صفاته على رغم جهمي يعطلها جهرا
ويعلن حرباً ليس فيه هوادة على أهل إلحاد ومن عبدالقبرا
وما قلت هذا رغبة أو تملقًا ولكن قلبي بالذي قلته أدرى
فيارب مَتِّعْنَا بطول حياته وحفظاً له من كل ما ساء أو ضرَّا
فيارب مَتِّعْنَا بطول حياته بأقطار إسلام بهم تكشف الضرَّا
فيا أيها المَلْكُ المعظم خالدٌ بإرشاده اعمل تحرز الفتح والنصرا
فقد خصك الرحمن باليمن والمنى وآتاك شيخًا صالحًا عالمًا برًا
فأنت لأهل الكفر والشكر ضيغم تذيقهموا صابًا وتسقيهموا المرا
فلا زلت للإسلام تنصر أهله وتردى بأهل الكفر ترديهموا كسرا
وحببَّك الرحمنُ للناس كلّهم سوى حاسد أو مشرك أضمر الكفرا
وقد أبغض الكفارُ أكرَمَ مُرسلٍ وإن كان خير الخلق والنعمة الكبرى
عليه صلاة الله ثم سلامه يدومان في الدنيا وفي النشأة الأخرى
كذا الآل والصحب الأجلاء ما بـكت مطوقة ورقاء في دوحة خضرا
وما طاف بالبيت العتيق تقربا حجيج يرجون المثوبة والأجرا
وما قال مشتاق وقد بان إلفه خليلي عوجا بي لتغتنما الأجرا
فيا أيها الأستاذ خذها ظعينة مقنعة شعثاء تلتمس العذرا
فقابل جفاها بالقبول وأولها من العفو جلبابا يكون لها سترا

  1. الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء (ص329)