رسالة لشيخ الأزهر عبدالحليم محمود حول إجازة فيلم عن النبي ﷺ

من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز[1] إلى حضرة الأخ المكرم صاحب السماحة الشيخ عبدالحليم محمود شيخ الجامع الأزهر، وفقه الله لكل خير آمين
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعده: حفظكم الله، أخبركم بأني علمت بأن مجلة المجتمع الكويتية نشرت خبرا في عددها 162 الصادر بتاريخ 9/7/1393هـ تحت عنوان "فيلم محمد رسول الله ".
وقد تضمن الخبر المذكور أنه خلال الأيام الماضية تم التوقيع على عقد تأسيس الشركة العربية للإنتاج السينمائي العالمي، وتولى التوقيع ممثلوا حكومات ليبيا والكويت والمغرب والبحرين، وأن الشركة المذكورة تعاقدت مع المخرج مصطفى العقاد؛ لإنتاج فيلم عن النبي ﷺ حياته وتعاليمه بالسينما سكوب والألوان يستمر عرضه ثلاث ساعات، ويخرج بعشرين لغة عالمية بما فيها العربية، وذلك بالاستناد إلى قصة أقرها الأزهر، والمجلس الشيعي الأعلى واشترك في صياغتها توفيق الحكيم، وعبدالحميد جودة السحار، وعبدالرحمن الشرقاوي.
 انتهى الخبر المذكور؛ ولكون المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة قد قرر تحريم إخراج فيلم عن النبي ﷺ وتحريم تمثيل الصحابة –رضي الله عنهم– وذلك في المادة السادسة من قراره المتخذ في دورته الثالثة عشرة المنعقدة خلال المدة من 1 شعبان 1391هـــ إلى 17 شعبان 1391هـــ كما قررت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية وهي منع تمثيل الصحابة –رضي الله عنهم– والنبي ﷺ من باب أولى وذلك بقرارها رقم 13 وتاريخ 16/4/93هـ وبناء على ذلك وعلى خطورة هذا الأمر وما سوف يفض إليه من الاستهانة بالنبي ﷺ وبأصحابه –رضي الله عنهم– وجعل سيرتهم وأعمالهم مجالا للتلاعب والامتهان من قبل أصناف الممثلين، وتجار السينما يتصرفون فيها كيف شاءوا، ويبرزونها على الصفة التي تلائم بغية التكسب والإتجار.
وفي هذا جرح لمشاعر المسلمين في كل مكان، كما أن فيه تعريضًا للحضرة النبوية والصحابة الكرام للسخرية والتنقص.
ولا يخفى ما في ذلك من الفساد العظيم والأضرار الكثيرة على الدين وأهله؛ لذلك فإنى استغرب إقرار الأزهر لإخراج الفيلم المذكور؛ فإن كان ما نسب إليه صحيحا فإنى أطلب من فضيلتكم العمل على سحب الفتوى الصادرة من الأزهر في هذا الشأن إن أمكن ذلك، أو إبداء رأيكم في الموضوع براءة للذمة، وخروجا من التبعة، وتعظيما للنبي ﷺ وأصحابه –رضي الله عنهم– وصيانة لهم عن كل ما قد يؤدي إلى تنقصهم بوجه من الوجوه.
 وقد سرنا كثيرا ما نشر فى بعض الصحف من إصدار الدكتور محمد عبدالقادر حاتم نائب رئيس الوزراء للثقافة والإعلام قرارا بعدم السماح بتقديم أية مساعادت من مصر لإنتاج إو إخراج (فيلم رسول الله) الذي رشَّح الممثل الأمريكي شارلتون هستون ليمثل فيه دور النبي ﷺ وأنه لن يسمح بعرض هذا الفيلم في مصر؛ فالحمد لله على ذلك، ونسأله سبحانه أن يجزي الدكتور محمد المذكور والحكومة المصرية عن هذا الموقف المشرف خيرًا، وأن يوفقها للتمسك بالشريعة وتحكيمها في كل شيء، كما نسأله –عز وجل– أن يوفقنا وإياكم وسائر إخواننا لإصابة الحق فى القول والعمل، وأن يجعلنا جميعا من أنصار دينه، والدعاة إليه على بصيرة؛ إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
9/ 9/ 1393هـ.

  1. الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء (ص497)