رسالة شكر من الشيخ محمد نسيب الرفاعي تتضمن عدة أمور

بسم الله الرحمن الرحيم[1]
لحضرة صاحب الفضيلة الأخ الحبيب في الله الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز المكرم حفظه الله ورعاه وأعزه وأيده.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد وصلني كتابكم الكريم وصلكم الله بمحبته ورضاه، وجعلنا وإياكم من الذين يتحابون فيه، ويتفانون في سبيله، ويحيون على دينه الذي ارتضى، ويموتون على العهد عهد الشهادة بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
أخي المحب، إن ما ذكرتموه في رسالتكم صار معلومًا، وجزاكم الله خيرًا عما قمتم به لدى نورة بنت سعود، وجعل الله أعمالكم في موازينكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأرجوكم أن تبلغوها عني بالنيابة عن الإخوان الشكر الجزيل على ما تقدمت به من المعونة للمسجد، والمدرسة، كما أنني أرجوكم أن تذكروا جناب الإمام حفظه الله ورعاه بوعده السابق؛ فنحن والله! في أشد الحاجة إليه، وإنه -طال عمره وإياكم- كريم ذو يد بيضاء على الدعوة؛ فالأمل بالله، ثم به أن يرعى هذا العمل، ويؤيده بما يلزمنا لإتمام العمل -إن شاء الله.
كما أرجو أن تباشروا بالكتابة إلى الشيخ محمد بن مانع من أجل مفاتحة شيخ قطر بهذا الأمر، وإذا أدَّى الأمر لحضوري فإنني مستعد للسفر إلى قطر لهذه الغاية؛ لأن الأمر عندنا قد أصبح خطيرا؛ فقد تألَّبت علينا قوى الشر رسميين وغير رسميين، ونحن -بإذن الله- ما زلنا ولن نزال -إن شاء الله- نكافح ونجاهد حتى يقضي الله أمره.
ومع ذلك فالدعوة والحمد لله سائرة، وتأخذ طريقها إلى القلوب، ولعل هذا هو ما جعل المبطلين يثورون ويشتكون للأوقاف التي أنذرتنا أيضا بإخلاء المسجد الثاني كما أخلينا الأول، وسنخليه بعد أيام وسنضطر لاستئجار محل بينما يتم شراء دار أو أرض، وقد وضعنا أكثر من خمسة أَدِلاَّء أي مرشدين على دور أو أراض للبيع، وأكثر هذه الأراضي، أو الدور في حدود المائة ألف أو يزيد، وحاولنا أن نطلب تبرعات من بعض الأغنياء فوعدنا بعضهم، بل أحدهم والآخرون امتنعوا بدافع من أولئك المبطلين؛ أفيجوز أن نعاني مثل هذه الأمور، وإخواننا الموحدون أعطاهم الله تعالى من فضله ما لا يعطي أحدا من معاصريهم، ثم يتأخرون عن مساعدتنا أو يؤجلوننا؟
عجبًا لو كنا على زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم أن جماعة آمنوا بالدعوة، ويسامون الظلم من أعدائهم، وهم بحاجة إلى مسجد؛ ليقيموا فيه شعائر الله على مراد الله، وما بلَّغه رسول الله، أفكان عليه الصلاة والسلام يتأخر عن مساعدتهم، أو يؤجلهم؟ أم يسرع لمعونتهم قبل أي إنسان آخر؟ فإذا كان رسول الله –تعالى- هذا شأنه فما بال من هم أصلح الناس؛ ليكونوا خلفاء هذا الأمر؟
ذكِّروه -حفظه الله- بما يجب عليه نحو إخوان بايعوه على الكتاب والسنة، ونصرة هذه الدعوة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها اذكروا في مجلسه حالنا وما نعانيه عسى أن يتفهَّم حقيقة ما نحن فيه من الحاجة الملحة؛ فيرقُّ لنا وهو الرقيق القلب وكبيره، وهو المسؤول عن المسلمين والمظلومين منهم خاصة، وهو صاحب اليد الخيِّرة والنفس الكريمة واليد البيضاء، حفظه الله، وأخذ بيده، وأطال عمره، وأيده، ووفقه لصالح العمل، سلامي إليكم وإلى جميع الإخوان والمشايخ، كما من الإخوان لكم جزيل السلام ورحمة الله وبركاته.
محمد نسيب الرفاعي
12/5/1378هـــــ
هل ترون من المناسب أن نكتب إليه عن طريقكم؛ فتعطوه الكتاب بعد اطلاعكم عليه، وتتكلموا في حضرته ما يناسب؛ بينوا لنا رأيكم بجواب سريع.
أبرقت لفضيلتكم بخصوص السماح للطلاب عبدالرحمن عبدالصمد وإخوانه بالتدريس عسى أن يكون قد حصل المطلوب.
 
يجاب ما أشرتم إليه نحو شدة الأذى عليكم من المبطلين كان معلوما وأبشروا فعند الشدة يجيء الفرج، وسنبذل الوسع -إن شاء الله- في بيان حالكم للملك، ونستحثه على تكميل المطلوب، ونرجو أن يوافق -إن شاء الله- وأحب إلى أن تكتبوا له كتابا مختصرا يتضمن شرح الحال بإيجاز.
أما البرقية فقد وصلت، ولم يدخل في المدرسة سوى عبدالرحمن بن يوسف، والباقون استغنى عنهم، وبقوا على حالهم في المعهد بارك الله في الجميع.
أما ابن مانع فالأحسن أن تكتبوا له كتابا، وتجعلوا في طيه كتابا للشيخ علي، وترسلوهما إلي لأضعهما في كتاب مني للشيخ ابن مانع وسينفع الله في ذلك -إن شاء الله- جعلني الله وإياكم وإياه من مفاتيح الخير؛ إنه سميع قريب.

  1. الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء (ص613).