رسالة إلى الشيخ الكيلاني في الفرق بين المولد وأسبوع الإمام ابن عبدالوهاب

من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز[1] إلى حضرة الأخ المكرم معالي الشيخ الدكتور/ إبراهيم زيد الكيلاني عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية وفقه الله لما يحبه ويرضاه آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فأرجو الله لنا ولكم دوام التوفيق والثبات على الحق.
ثم يا محب بلغتني ملاحظة بعض الأخوة على الأسبوع الذي أقامته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض قبل سنوات لدراسة منهج الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- في الدعوة ورأيهم مشابهة ذلك للمولد الذي يقام كل عام في 12 ربيع الأول إحياء لذكرى مولد النبي ﷺ وعجبهم ممن يجيز الأول كيف ينهى عن الثاني؟! ورأيهم أن الثاني سنة أو بدعة حسنة ومناسبة طيبة للاستجابة لأمر الله تعالى في قوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
ولسابق معرفتي بكم، ومقامكم في الدعوة إلى الله بالأردن رأيت الكتابة لمعاليكم راجياً أن تتحملوا عنا بيان هذا لمن يجهله، أداءاً لواجب النصيحة، وبياناً للحق، ورداً للشبهة والضلالات.
ولا شك أنكم تعلمون وأنتم من المدعوين إلى ندوة الجامعة أنها أقيمت مرة واحدة في تاريخ الجامعة وتاريخ المملكة وليست عيداً سنوياً مثل المولد، وليست عبادة مبتدعة مثله، ولا يحتاج المسلمون إلى مناسبة جديدة للصلاة على النبي ﷺ لم يقرها رسول الله ﷺ ولا فعلها أحد من أصحابه -رضي الله عنهم.
وقد وجد لنا الشارع ما يكفينا من المناسبات لأداء هذه العبادة العظيمة بعد كل أذان وإقامة، وفي كل تشهد في الفرض والنفل، وعند دخول المسجد، والخروج منه، وفي مختلف الأوقات يوم الجمعة، وعند ذكر اسمه، وهكذا في جميع الأوقات ما لم يقيد بعبادة أخرى.
وتعلمون بارك الله فيكم ما يحدث في أكثر الموالد من بدع وخرافات مثل القيام عند توهم دخول النبي ﷺ مكان المولد وقد كره " القيام له في حياته، وأخطر من ذلك وأعظم ما يقع في الكثير من الاحتفالات بالموالد من الشرك الأكبر والغلو وقراءة قصيدة البردة، وإقرار ما فيها من الشرك الأكبر إلى غير ذلك من أنواع البدع.
جعلنا الله وإياكم هداة مهتدين وثبتنا جميعاً على الالتزام بشريعته التي اختارها لنبيه ﷺ ولأمته من غير زيادة ولا نقصان قال تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ۝ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً [الجاثية:18، 19].
وقال تعالى:شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى:13].
وقال عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31].
وقال سبحانه: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة:100].
ولا يخفى أنه لا يكون العبد متبعاً للسابقين بإحسان إلا إذا عمل مثل عملهم ومعلوم أن المبتدع قد زاد عليهم ولم يتبعهم بإحسان وفق الله الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
 رقم 452 /خ  في25 /4/ 1406هـ.

  1. الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء (ص725)