رسالة حول أخذ الأجرة على العمل بالوعظ والإرشاد

من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ: م. أ. م. م؛ وفقه الله وزاده علما وتوفيقا، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ في 19 / 12 / 73 م، وسرني ما تضمنه من الإفادة عن نشاطكم ضد المبادئ الهدامة وما جرى عليكم بسبب ذلك، وهكذا الرسل وأتباعهم يبتلون ثم تكون لهم العاقبة الحميدة، فاصبروا وصابروا وأبشروا، وقد اطلعت على المحاضر المرفقة بعنوان: "أين نحن من منهج الإسلام؟" فألفيتها في الجملة محاضرة جيدة كثيرة الفائدة، إلا أن فيها بعض المواضع الغامضة المعنى، مثال قولكم في صفحة: 3 ولهذا يعتبر الإسلام كل من يخرج عن هذا الوضع ويشكل طبقة جديدة أو يكون مراكز قوى يعتبره الإسلام كافرا بالإسلام.. إلخ، فنوصيكم بالعناية بالتفصيل والإيضاح دائما في المحاضرات وغيرها.
أما ما ذكرتم من الرغبة في العمل في السعودية فلا يخفى عليكم أن السنة الدراسية مضى منها جزء كبير، والغالب أن وزارة المعارف قد أمنت حاجتها من المدرسين، والذي أرى أن تعملوا في الوعظ والإرشاد في الكويت، ولا حرج عليكم في أخذ الراتب على ذلك، كما تأخذونه على التدريس، فكلا الأمرين دعوة إلى الله وتعليم وتوجيه، وأمر بمعروف ونهي عن المنكر، وليس هناك بأس أن يأخذ المسلم من بيت المال ما يعينه على التدريس، أو الوعظ والإرشاد، أو الإمامة والأذان، أو نحوها من جهات البر، وإنما الخلاف في أخذ الأجرة على التعليم أو الإمامة إذا كان ذلك من غير بيت المال، وقد أخذ أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام في زمنه وزمن خلفائه الراشدين من بيت المال ما يعينهم على طاعة الله والجهاد في سبيله، وهم أورع الناس، وأخشاهم لله، وأعلمهم بشرعه بعد الأنبياء رضي الله عنهم وأرضاهم-، فلنا ولكم وللمسلمين فيهم أسوة حسنة.
وفق الله الجميع لما يرضيه، ومنحنا وإياكم وسائر إخواننا الفقه في دينه والثبات عليه؛ إنه سميع قريب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[1].

  1. صدر الخطاب من مكتب سماحته برقم 1264 / 1 / 1 في 20 / 1 /1394هـ، (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 6/ 290).