من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم سماحة الدكتور: عبدالحليم محمود شيخ الأزهر وفقه الله ونصر به الحق، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد اطلعت على كلمة للشيخ محمد علي عبدالرحيم رئيس جماعة أنصار السنة منشورة في مجلة التوحيد عدد شعبان 1397هـ، قد تضمنت خبرا نشرته جريدة الجمهورية في عددها الصادر في 7 / 5 / 1977م نصه كما يأتي: (أقام الشيخ عبدالحليم محمود شيخ الأزهر مسجدا في قريته: (السلام) بمركز بلبيس، وأوصى عند وفاته بأن يدفن في هذا المسجد) انتهى الخبر.
وفي الكلمة المذكورة النصيحة لسماحتكم بعدم الإقدام على هذا العمل المخالف لأهداف الشريعة المطهرة من تخصيص بيوت الله للصلاة والعبادة والذكر والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن، لا للدفن فيها واتخاذها مقابر.
وقد كدرني هذا الخبر كثيرا، واستغربت حصوله من سماحتكم -إن صح- والذي نرجو أن يكون غير صحيح؛ لما قد عرف عن تسرع كثير من أصحاب الصحف من تشويه الأخبار، ونقلها على غير وجهها الصحيح، يضاف إلى ذلك: أننا نستبعد كثيرا خفاء حكم اتخاذ القبور في المساجد عليكم؛ لما ثبت من الأحاديث الكثيرة الصحيحة الصريحة في تحريم ذلك، والنهي عنه؛ لكون ذلك وسيلة عظيمة من وسائل الشرك، وتعلق الكثير من العامة والجهال بأصحاب تلك الأضرحة، وافتتانهم بهم ودعائهم إياهم من دون الله، وجعلهم شركاء لله في طلب النفع ودفع الضر، وقضاء الحوائج مما لا يجوز طلبه إلا من الله عز وجل -كما لا يخفى- والواقع من العامة والجهلة عند قبر البدوي والحسين وغيرهما من القبور المعظمة شاهد بذلك، كما أنه غير خاف على سماحتكم ما صح عن رسول الله ﷺ من لعن اليهود والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد، وقوله ﷺ فيما رواه مسلم في صحيحه، عن جندب بن عبدالله البجلي رضي الله عنه، عن النبي ﷺ أنه قال: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك.
ولا شك أن الدفن فيها داخل في اتخاذ القبور مساجد الذي ورد في الأحاديث المذكورة التحذير منه، ولعن من فعله.
فالواجب على سماحتكم العدول عن هذه الوصية -إن كانت قد صدرت منكم- وإعلان ذلك في الصحف المحلية، مع بيان أسباب العدول عنها؛ براءة للذمة، ونصحا للأمة، وحرصا على ألا يظن بسماحتكم إجازة مثل هذا العمل الخطير المخالف للشريعة المحمدية، لا سيما وأنتم قدوة لعامة الناس، فاحذروا أن تسنوا سنة يكون عليكم وزرها، ومثل وزر من اقتدى بكم فيها، أو أجازها إلى يوم القيامة.
أما إن كان الخبر غير صحيح، فالواجب التنبيه على ذلك في الصحف الرائجة، حتى تعلم براءتكم منه.
وأسأل الله أن يجعلنا وإياكم من دعاة الهدى وأنصار الحق، وأن يثبتنا وإياكم على دينه، إنه جواد كريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[1].
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد اطلعت على كلمة للشيخ محمد علي عبدالرحيم رئيس جماعة أنصار السنة منشورة في مجلة التوحيد عدد شعبان 1397هـ، قد تضمنت خبرا نشرته جريدة الجمهورية في عددها الصادر في 7 / 5 / 1977م نصه كما يأتي: (أقام الشيخ عبدالحليم محمود شيخ الأزهر مسجدا في قريته: (السلام) بمركز بلبيس، وأوصى عند وفاته بأن يدفن في هذا المسجد) انتهى الخبر.
وفي الكلمة المذكورة النصيحة لسماحتكم بعدم الإقدام على هذا العمل المخالف لأهداف الشريعة المطهرة من تخصيص بيوت الله للصلاة والعبادة والذكر والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن، لا للدفن فيها واتخاذها مقابر.
وقد كدرني هذا الخبر كثيرا، واستغربت حصوله من سماحتكم -إن صح- والذي نرجو أن يكون غير صحيح؛ لما قد عرف عن تسرع كثير من أصحاب الصحف من تشويه الأخبار، ونقلها على غير وجهها الصحيح، يضاف إلى ذلك: أننا نستبعد كثيرا خفاء حكم اتخاذ القبور في المساجد عليكم؛ لما ثبت من الأحاديث الكثيرة الصحيحة الصريحة في تحريم ذلك، والنهي عنه؛ لكون ذلك وسيلة عظيمة من وسائل الشرك، وتعلق الكثير من العامة والجهال بأصحاب تلك الأضرحة، وافتتانهم بهم ودعائهم إياهم من دون الله، وجعلهم شركاء لله في طلب النفع ودفع الضر، وقضاء الحوائج مما لا يجوز طلبه إلا من الله عز وجل -كما لا يخفى- والواقع من العامة والجهلة عند قبر البدوي والحسين وغيرهما من القبور المعظمة شاهد بذلك، كما أنه غير خاف على سماحتكم ما صح عن رسول الله ﷺ من لعن اليهود والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد، وقوله ﷺ فيما رواه مسلم في صحيحه، عن جندب بن عبدالله البجلي رضي الله عنه، عن النبي ﷺ أنه قال: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك.
ولا شك أن الدفن فيها داخل في اتخاذ القبور مساجد الذي ورد في الأحاديث المذكورة التحذير منه، ولعن من فعله.
فالواجب على سماحتكم العدول عن هذه الوصية -إن كانت قد صدرت منكم- وإعلان ذلك في الصحف المحلية، مع بيان أسباب العدول عنها؛ براءة للذمة، ونصحا للأمة، وحرصا على ألا يظن بسماحتكم إجازة مثل هذا العمل الخطير المخالف للشريعة المحمدية، لا سيما وأنتم قدوة لعامة الناس، فاحذروا أن تسنوا سنة يكون عليكم وزرها، ومثل وزر من اقتدى بكم فيها، أو أجازها إلى يوم القيامة.
أما إن كان الخبر غير صحيح، فالواجب التنبيه على ذلك في الصحف الرائجة، حتى تعلم براءتكم منه.
وأسأل الله أن يجعلنا وإياكم من دعاة الهدى وأنصار الحق، وأن يثبتنا وإياكم على دينه، إنه جواد كريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[1].
- سبق أن نشرت في كتاب سماحته (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة) الجزء الثامن ص 333، 334. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 10/ 300).