من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، إلى حضرة صاحب السمو الملكي الأمير المكرم/ سلمان بن عبدالعزيز -أمير منطقة الرياض- وفقه الله، وزاده من العلم والإيمان آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فأشير إلى سؤالكم الشفهي عن تفسير قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:184] ورغبة سموكم في أن يكون الجواب خطيًا.
وأفيدكم: أن علماء التفسير رحمهم الله ذكروا أن الله سبحانه لما شرع صيام شهر رمضان شرعه مخيرًا بين الفطر والإطعام وبين الصوم، والصوم أفضل، فمن أفطر وهو قادر على الصيام فعليه إطعام مسكين، وإن أطعم أكثر فهو خير له، وليس عليه قضاء، وإن صام فهو أفضل؛ لقوله : وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ.
فأما المريض والمسافر فلهما أن يفطرا ويقضيا؛ لقوله سبحانه: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].
ثم نسخ الله ذلك، وأوجب سبحانه الصيام على المكلف الصحيح المقيم، ورخص للمريض والمسافر في الإفطار وعليه القضاء، وذلك بقوله سبحانه: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185]. وبقي الإطعام في حق الشيخ الكبير العاجز والعجوز الكبيرة العاجزة عن الصوم، كما ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن أنس بن مالك وجماعة من الصحابة والسلف .
وقد روى البخاري في صحيحه عن سلمة بن الأكوع معنى ما ذكرنا من النّسْخ للآية المذكورة، وهي قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ الآية، وروي ذلك عن معاذ بن جبل وجماعة من السلف رحمهم الله.
ومثل الشيخ الكبير والعجوز الكبير، المريض الذي لا يرجى برؤه والمريضة التي لا يرجى برؤها، فإنهما يطعمان عن كل يوم مسكينًا ولا قضاء عليهما؛ كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة. ويجوز إخراج الإطعام في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره. أما الحامل والمرضع فيلزمهما الصيام، إلا أن يشق عليهما فإنه يشرع لهما الإفطار، وعليهما القضاء كالمريض والمسافر. هذا هو الصحيح من قولي العلماء في حقهما.
وقال جماعة من السلف: يطعمان ولا يقضيان؛ كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة. والصحيح أنهما كالمريض والمسافر؛ تفطران وتقضيان، وقد ثبت عن النبي ﷺ من حديث أنس بن مالك الكعبي ما يدل على أنهما كالمريض والمسافر.
وأسأل الله أن يمنحنا وإياكم الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا وإياكم وسائر إخواننا من الهداة المهتدين؛ إنه سميع قريب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[1].
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فأشير إلى سؤالكم الشفهي عن تفسير قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:184] ورغبة سموكم في أن يكون الجواب خطيًا.
وأفيدكم: أن علماء التفسير رحمهم الله ذكروا أن الله سبحانه لما شرع صيام شهر رمضان شرعه مخيرًا بين الفطر والإطعام وبين الصوم، والصوم أفضل، فمن أفطر وهو قادر على الصيام فعليه إطعام مسكين، وإن أطعم أكثر فهو خير له، وليس عليه قضاء، وإن صام فهو أفضل؛ لقوله : وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ.
فأما المريض والمسافر فلهما أن يفطرا ويقضيا؛ لقوله سبحانه: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].
ثم نسخ الله ذلك، وأوجب سبحانه الصيام على المكلف الصحيح المقيم، ورخص للمريض والمسافر في الإفطار وعليه القضاء، وذلك بقوله سبحانه: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185]. وبقي الإطعام في حق الشيخ الكبير العاجز والعجوز الكبيرة العاجزة عن الصوم، كما ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن أنس بن مالك وجماعة من الصحابة والسلف .
وقد روى البخاري في صحيحه عن سلمة بن الأكوع معنى ما ذكرنا من النّسْخ للآية المذكورة، وهي قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ الآية، وروي ذلك عن معاذ بن جبل وجماعة من السلف رحمهم الله.
ومثل الشيخ الكبير والعجوز الكبير، المريض الذي لا يرجى برؤه والمريضة التي لا يرجى برؤها، فإنهما يطعمان عن كل يوم مسكينًا ولا قضاء عليهما؛ كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة. ويجوز إخراج الإطعام في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره. أما الحامل والمرضع فيلزمهما الصيام، إلا أن يشق عليهما فإنه يشرع لهما الإفطار، وعليهما القضاء كالمريض والمسافر. هذا هو الصحيح من قولي العلماء في حقهما.
وقال جماعة من السلف: يطعمان ولا يقضيان؛ كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة. والصحيح أنهما كالمريض والمسافر؛ تفطران وتقضيان، وقد ثبت عن النبي ﷺ من حديث أنس بن مالك الكعبي ما يدل على أنهما كالمريض والمسافر.
وأسأل الله أن يمنحنا وإياكم الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا وإياكم وسائر إخواننا من الهداة المهتدين؛ إنه سميع قريب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[1].
الرئيس العام لإدارات البحوث
العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
- صدرت من مكتب سماحته برقم: 1563/ خ، في 23/9/1410هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 24/ 186).