رسالة من الشيخ ابن باز إلى أهل نعجان

بسم الله الرحمن الرحيم[1]
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى من يراه من إخواننا أهل نعجان، سلك الله بي وبهم سبيل أهل الإيمان، وجعلني وإياهم من المتعاونين على ما يُرضي الرحمن، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فالموجب لهذا إخباركم بأن الله سبحانه قد أوجب علينا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، ولا قوام للإسلام والمسلمين في أمر دينهم ودنياهم إلا بذلك، قال الله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104]، وقال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].
وقال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
وقال تعالى: لُعِنَ الذينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ۝ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:78، 79].
وثبت عنه ﷺ أنه قال: لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطرًا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم.
وجاء عنه ﷺ أنه قال:  من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
 فدلت هذه الآيات والأحاديث على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى، ولا صلاح للعباد في معاشهم ومعادهم إلا بذلك، فإذا قاموا بما أوجب الله عليهم سعدوا، وتم لهم أمر دينهم ودنياهم، وكثر الخير، وقل الشر.
وإذا غفلواوأهملوا استحقوا المقت من الله، والبعد منه، وحلول العقوبة، وفشا فيهم الشر، وقل الخير.
وقد غلب على أكثر الناس اليوم التساهل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتكاسل عن الصلوات، والتخلُّف عنها في الجماعة، والوقوف في مواقف التهم، والدخول على النساء الأجانب، وكل هذه المنكرات وأشباهها بسبب ضعف الإيمان، والرغبة في الدنيا، وعدم الاهتمام بأمر الآخرة، وعدم التناصح بين المسلمين، والتعاون على البر والتقوى إلا من رحم الله.
فمن أجل ذلك نقص الدين، وعظمت غربته، وغلبت الأهواء؛ فإنَّا لله وإنا إليه راجعون، ونسأله تعالى أن يردنا جميعًا إلى التوبة الصادقة، وأن يوفقنا وجميع المسلمين للقيام بما يرضيه، واجتناب ما يسخطه آمين.
وقد عَيَّنا في البلد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ستة من خواص الجماعة، وهم: المطوع محمد بن عتيق، وابنه إبراهيم، وحمد بن فهيد، وأخوه فهد، وحمد بن سيف، وزيد الزيد، وأمرناهم يتفقدون أحوال الجماعة، ويمشون بالليل، ومن عرف بالتخلف عن الصلاة في الجماعة يزجرونه، ويؤدبونه حتى يرتدع هو وأمثاله، ومن عرف بالكسل عن الصلاة، وكونه يقضي دائما ينصحونه، ويعظونه، فإن نفع فيه ذلك فالحمد لله، وإن غلب عليه الكسل يزجر، ويؤدب، كذلك من وقف في مواقف التهم،أو عُرف بالدخول على النساء الأجانب، فقد أمرنا النواب المذكورين ينصحونه ويزجرونه، فإن عاد إلى مثل ذلك فيؤدب أدبًا يردعه وأمثاله، ومن عرف بشرب الدخان يزجر ويُؤدَّب أدبًا بليغًا؛ لأن الدخان من الخبائِث المضرة المحرمة، كذلك من عرف بالمبيت خارج بيته، وترك نسائه ومحارمه يزجر عن ذلك، ويلزم بالمبيت عند محارمه فإن عاد إلى مثل ذلك فيؤدب حتى يرتدع[2]، ومن عارض النواب المذكورين، أو وقف في وجوههم بالكلام الرديء فلا يلومن إلا نفسه، وسيرى منا -إن شاء الله- ما يكره.
 وفقنا الله وإيَّاكم لما يرضيه في القول والعمل، ونصر دينه، وأعلى كلمته، وحفظ إمام المسلمين بطاعته، ورعاه برعايته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
 هذا ما لزم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
 14/ 7/ 1361هـ
هذا وقد قرأت الكتاب الآنف الذكر على سماحة الشيخ في صباح يوم الأحد 9/ 1/ 1420هـ.
(محمد الموسى)
 

  1. [1] الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء (ص11)
  2. ذكر الشيخ عبدالرحمن بن عتيق أن النساء فرحن كثيرًا بهذا الكتاب؛ حيث ارتدع أزواجهن من المبيت خارج المنزل، وصرن يشعرن بالاطمئنان من جراء ذلك.